كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الرابعة: أن دينهم مبني على أصول: أعظمها التقليد, وهو القاعدة الكبرى لجميع الكفار من الأولين والآخرين:
كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ. قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} 1.
فأمرهم الله تعالى بقوله: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} 2.
وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} , قال: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} 3.
إلى غير ذلك مما يدل على أن أهل الجاهلية كانوا في ربقة التقليد, لا يحكمون لهم رأيا, ولا يشغلون فكرا, فلذلك تاهوا في أودية الجهالة, وهكذا كل من سلكهم في أي عصر كان.
__________
1 الزخرف: 23-24
2 الأعراف: 3
3 البقرة: 170.

الصفحة 61