كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الثامنة:الاستدلال على بطلان الشيء بكونه غريبا, فرد الله تعالى ذلك بقوله في "هود": {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} .
ومعنى الآية: {فَلَوْلا كَانَ} تحضيض فيه معنى التفجع, أي: فهلا كان {مِنَ الْقُرُونِ} , أي: الأقوام المقتربة في زمان واحد {مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ} , أي: ذوو خصلة باقية من الرأي والعقل, أو ذوو فضل, على أن يكون البقية اسما للفضل, والهاء للنقل, ومن هنا يقال: فلان من بقية القوم, أي: من خيارهم , ومنه قولهم: " في الزوايا خبايا, وفي الرجال بقايا", {يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} الواقع فيما بينهم حسبما ذكر في قصصهم, وفسر الفساد بالكفر وما اقترن به من المعاصي, {إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا} استثناء منقطع, أي: ولكن قليلا ممن أنجيناهم, لكونهم كانوا ينهون.
__________
هود: 116
انظر: روح المعاني (12/160-162) .

الصفحة 67