كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

وإنما قيل: لأنزل, لأن إرسال الملائكة لا يكون إلا بطريق الإنزال.
{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} , هذا إشارة إلى الكلام المتضمن الأمر بعبادة الله عز وجل, خاصة والكلام على تقدير مضاف, أي: ما سمعنا بهذا الكلام في آبائنا الماضين قبل بعثته عليه السلام, وقدر المضاف, لأن عدم السمع بكلام1 نوح المذكور لا يصلح للرد, فإن السماع بمثله2 كاف3 في القبول.
{إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} , أي: ما هو إلا رجل به جنون أو جن يخبلونه, ولذلك يقول ما يقول.
{فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} , أي4: فاحتملوه, واصبروا عليه وانتظروا لعله يفيق مما هو فيه محمول على مرامي أحوالهم في المكابرة والعناد.
وإضرابهم عما وصفوه عليه السلام به من البشرية, وإرادة التفضل إلى وصفه إلى ما ترى, وهم يعرفون أنه عليه السلام أرجح الناس عقلا وأرزنهم قولا, وهو [على ما تقدم5] محمول على تناقض مقالاتهم الفاسدة- قاتلهم الله تعالى أنا يؤفكون6.
والقياس الفاسد والصحيح, والجامع والفارق, مفصل في كتب الأصوليين.
فبين الرسل عليهم السلام وسائر الناس مشابهة من جهة البشرية.
__________
1 في المطبوع " لكلام".
2 في المطبوع "لمثله".
3 في المطبوع "كان".
4 "أي": ساقطة من المطبوع.
5 ما بين المعكوفتين زيادة من "روح المعاني", حتى ينتظم بها السياق
6 "روح المعاني" (18/25-26) .

الصفحة 81