كتاب فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت يوسف السعيد

الثامنة عشرة: من خصال الجاهلية أنهم لا يقبلون من الحق إلا ما تقول به طائفتهم.
قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 1.
ومعنى: {نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} , أي: نستمر على الإيمان بالتوراة وما في حكمها مما أُنزل في تقرير حكمها0
ومرادهم بضمير المتكلم إما أنبياء بني إسرائيل- وهو الظاهر فيه - إيماء إلى أن عدم إيمانهم بالقرآن كان بغيا وحسدا على نزوله على من ليس منهم, وإما أنفسهم.
ومعنى الإنزال عليهم: تكليفهم في المنزل من الأحكام.
وذموا على هذه المقالة, من التعريض بشأن القرآن-ودسائس اليهود مشهورة- أو لأنهم تأولوا الأمر المطلق العام, ونزلوه على الخاص, هو الإيمان بما أنول عليهم, كما هو ديدنهم في تأويل الكتاب بغير المراد منه.
__________
1 البقرة: 91

الصفحة 88