كتاب فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله

إلى الجنَّة"، فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك الطرق الموصلة إلى تحصيله، سواء كان ذلك بالسفر لطلبه؛ أو بالأخذ بأسباب تحصيله، من اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها، وملازمة العلماء والأخذ عنهم وغير ذلك، والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصل بها طالب العلم إلى الجنَّة، وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم، ويكون أيضاً بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة.
6 قوله: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاَّ نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن عنده"، بيوتُ الله هي المساجد، وإضافتها إلى الله إضافة تشريف، والمساجد هي أحبُّ البلاد إلى الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها" رواه مسلم (671) ، وفيه الحثُّ على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه، ويكون ذلك بقراءة أحد المجتمعين والباقون يسمعون، وبقراءتهم بالتناوب ليقوِّم بعضُهم بعضاً في القراءة، ويستفيد كلُّ واحد منهم من غيره ما يحصِّل به إجادة القراءة وتدارك الخطأ إن وُجد، وإذا كان فيهم عالم بتفسيره علَّمهم، وإن كانوا من أهل العلم فيه تدارسوا معانيه، ورجعوا في ذلك إلى كتب التفسير في الرواية والدراية المبنية على ما كان عليه سلف هذه الأمَّة، والجزاء على الاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن وتدارسه أربعة أمور، هي: نزول السكينة عليهم والطمأنينة، وأنَّ الرحمةَ تغشاهم، أي تشملهم وتغطِّيهم، وأنَّ الملائكة تحفُّهم أي: تحيط بهم، وأنَّ الله تعالى يذكرهم عند الملائكة.

الصفحة 123