كتاب فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله

7 قوله: "ومَن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه"، المعنى: مَن أخَّره عملُه عن دخول الجنَّة لم يسرع به نسبه إلى دخول الجنَّة؛ لأنَّ المعتبَر في ذلك الإيمان والتقوى، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/308) : "معناه أنَّ العملَ هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} ، فمَن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات؛ فإنَّ الله رتَّب الجزاءَ على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} "، إلى أن قال: "وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
لعمرك ما الإنسان إلاَّ بدينه فلا تترك التقوى اتِّكالاً على النسب
لقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارسٍ وقد وضع الشرك النسيبَ أبا لهب".
8 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 الترغيب في تنفيس الكرب في الدنيا، وأنَّ الله تعالى ينفِّس بها كرب يوم القيامة.
2 أنَّ الجزاء من جنس العمل، فالعمل تنفيس كربة، والجزاء تنفيس كربة.
3 الترغيب في التيسير على المعسرين، وأنَّ الجزاء عليه تيسير في الدنيا والآخرة.
4 الترغيب في ستر العيوب حين تكون المصلحة في سترها، وأنَّ الجزاء عليها ستر في الدنيا والآخرة.

الصفحة 124