كتاب فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله

تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ، وقد يطلق الهوى بمعنى المحبَّة والميل مطلقاً، فيدخل فيه الميلُ إلى الحقِّ وغيره، وربَّما استعمل بمعنى مَحبة الحقِّ خاصة والانقياد إليه، وسُئل صفوان بن عسال: هل سمعتَ من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يذكر الهوى؟ فقال: سأله أعرابيٌّ عن الرجل يُحب القومَ ولم يلحق بهم؟ فقال: "المرء مع من أحبَّ"، ولَمَّا نزل قولُه عزَّ وجلَّ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} قالت عائشة للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ما أرى ربَّك إلاَّ يُسارع في هواك " وقال عمر في قصة المشاورة في أسارى بدر: "فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولَم يهو ما قلتُ" وهذا الحديث مِمَّا جاء استعمال الهوى فيه بمعنى المحبة المحمودة".
4 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 وجوب اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.
2 تفاوت الناس في الإيمان.
الحديث الثاني والأربعون
عن أنس رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنَّك ما دعوتَني ورجوتنِي غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبُك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك، يا ابن آدم! إنَّك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة" رواه الترمذي وقال: "حديث صحيح".

الصفحة 135