كتاب فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله

6 قوله: "قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدِّقه! " وجه التعجُّب أنَّ الغالبَ على السائل كونه غير عالِم بالجواب، فهو يسأل ليصل إلى الجواب، ومثله لا يقول للمسئول إذا أجابه: صدقتَ؛ لأنَّ السائلَ إذا صدَّق المسئول دلَّ على أنَّ عنده جواباً من قبل، ولهذا تعجَّب الصحابةُ من هذا التصديق من هذا السائل الغريب.
7 قوله: "قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمنَ بالله وملائكته وكُتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، هذا الجواب مشتملٌ على أركان الإيمان الستة، وأوَّل هذه الأركان الإيمان بالله، وهو أساس للإيمان بكلِّ ما يجب الإيمان به، ولهذا أُضيف إليه الملائكة والكتب والرسل، ومَن لَم يؤمن بالله لا يؤمن ببقيَّة الأركان، والإيمان بالله يشمل الإيمان بوجوده وربوبيَّته وألوهيَّته وأسمائه وصفاته، وأنَّه سبحانه وتعالى متَّصفٌ بكلِّ كمال يليق به، منَزَّهٌ عن كلِّ نقص، فيجب توحيده بربوبيَّته وألوهيَّته وأسمائه وصفاته.
وتوحيده بربوبيَّته الإقرارُ بأنَّه واحد في أفعاله، لا شريك له فيها، كالخَلق والرَّزق والإحياء والإماتة، وتدبير الأمور والتصرّف في الكون، وغير ذلك مِمَّا يتعلَّق بربوبيَّته.
وتوحيد الألوهيَّة توحيده بأفعال العباد، كالدعاء والخوف والرَّجاء والتوكُّل والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذَّبح والنَّذر، وغيرها من أنواع العبادة التي يجب إفراده بها، فلا يُصرف منها شيء لغيره، ولو كان ملَكاً مقرَّباً أو نبيًّا مرسَلاً، فضلاً عمَّن سواهما.
وأمَّا توحيد الأسماء والصفات، فهو إثبات كلِّ ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على وجه يليق بكماله وجلاله،

الصفحة 20