كتاب شرح حديث جبريل في تعليم الدين

للجميع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمَّة: يهودي ولا نصراني، ثمَّ يموت ولم يُؤمن بالذي أُرسلتُ به، إلاَّ كان من أصحاب النار" رواه مسلم (240) .
فاليهود والنصارى بعد بعثة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا ينفعُهم زعمُهم أنَّهم أتباعُ موسى وعيسى، بل يتعيَّنُ عليهم الإيمانُ بنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نسخت شريعتُه الشرائعَ قبلها، وخُتم به النبيُّون، قال الله عزَّ وجلَّ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} .
ولأنَّ مَن كذَّب برسول واحد، فقد كذَّب بجميع الرسل، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} ، {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} ، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ} ، {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} ، {كَذَّبَ أَصْحَابُ لأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} ، فقد كذَّب كلُّ أمة رسولَها، وأضاف إليها تكذيب المرسَلين؛ لأنَّ تكذيب واحد منهم تكذيب لجميعهم، ومَن آمن برسول وكذَّب بغيره فهو مكذِّبٌ لذلك الرسول الذي يزعم أنَّه آمن به.
وقد دعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الجنَّ والإنسَ إلى الدِّين الحنيف والصراط المستقيم، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، وقال: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، فسبيلُ الهداية مقصورٌ على اتِّباع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا يُعبد الله إلاَّ بما جاء به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا طريق يوصل إلى الله إلاَّ باتِّباع ما جاء به صلى الله عليه وسلم.
وحاجةُ المسلم إلى الهداية إلى الصراط المستقيم أعظمُ من حاجته إلى الطعام والشراب؛ لأنَّ الطعامَ والشرابَ زادُه في الحياة الدنيا، والصراطَ

الصفحة 38