كتاب شرح حديث جبريل في تعليم الدين

فيه ميزابان من الجنة، من شرب منه لَم يظمأ، عرضُه مثل طوله، ما بين عمَّان إلى أيلة، ماؤه أشدُّ بياضاً من اللَّبن، وأحلَى من العسل".
ومن الناس مَن يُذادُ عن ورود الحوض، فقد روى البخاري في صحيحه (6576) عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "أنا فرَطُكم على الحوض، وليُرفعَنَّ رجالٌ منكم، ثمَّ ليُختلَجنَّ دونِي، فأقول: يا ربِّ أصحابي! فيُقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
والمراد بهؤلاء الأصحاب أُناسٌ قليلون ارتدُّوا بعد موت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقُتلوا على أيدي الجيوش المظفَّرة التي بعثها أبو بكر الصديق رضىالله عنه لقتال المرتدِّين.
والرافضةُ الحاقدون على الصحابة تزعمُ أنَّ الصحابةَ ارتدُّوا بعد وفاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ نفراً يسيراً منهم، وأنَّهم يُذادون عن الحوض، والحقيقة أنَّ الرافضةَ هم الجديرون بالذَّود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّهم لا يغسلون أرجلَهم في الوضوء، بل يمسحون عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ للأعقاب من النار" أخرجه البخاري (165) ومسلم (242) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وليست فيهم سِيمَا التحجيل التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أمَّتِي يُدعون يوم القيامة غُرًّا مُحجَّلين من آثار الوضوء" أخرجه البخاري (136) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمانُ بوزن أعمال العباد، فإنَّها تُحصَى ثمَّ تُوزن، فمَن ثقلت موازينه نجا، ومن خفَّت موازينه هلك، قال الله عزَّ وجلَّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ، وقال: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

الصفحة 50