كتاب تأويل مختلف الحديث

حَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ1 قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نَا الْأَعْمَشُ2 عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ، الرَّأْيُ الْحَسَنُ.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بن خَالِد مُحَمَّدِ بْنِ خِدَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: نَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ -وَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ: مَا حَدَّثَكَ هَؤُلَاءِ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْبَلْهُ، وَمَا خَبَّرُوكَ بِهِ عَنْ رَأْيِهِمْ، فَارْمِ بِهِ فِي الحُش3.
وَكَانَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالْقِيَاسَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ، حَرَّمْتُمُ الْحَلَالَ، وَأَحْلَلْتُمُ الْحَرَامَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
حَدَّثَنِي الرِّيَاشِيُّ4 قَالَ: نَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: قِيلَ لِلشَّعْبِيِّ: إِنَّ هَذَا لَا يَجِيءُ فِي الْقِيَاسِ، فَقَالَ: أَيْرٌ5 فِي الْقِيَاسِ.
وَحَدَّثَنِي الرِّيَاشِيُّ، عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْخَطَّابِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْحَدِيثُ ذَكَرٌ، يُحِبُّهُ ذُكُورُ الرِّجَالِ، وَيَكْرَهُهُ مُؤَنَّثُوهُمْ.
تَنَاقُضَاتٌ فِي الْقِيَاسِ:
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكَيْفَ يَطَّرِدُ لَكَ الْقِيَاسُ فِي فُرُوعٍ، لَا يَتَّفِقُ أُصُولُهَا وَالْفَرْعُ تَابِعٌ للْأَصْل؟
__________
1 أَبُو الْخطاب: عبد الْأَعْلَى بن السَّمْح الْمعَافِرِي الْحِمْيَرِي اليمني، زعيم الإباضية فِي أفريقية، كَانَ شجاعًا بطلًا حكم إفريقية كلهَا فِي بَدْء سنة 141هـ، وَقد وَجه إِلَيْهِ الْمَنْصُور خمسين ألفا فَقتل 144هـ.
2 الْأَعْمَش: سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَسدي بِالْوَلَاءِ، تَابِعِيّ مَشْهُور، أَصله من بِلَاد الرّيّ، ومنشؤه ووفاته فِي الْكُوفَة، ولد عَام 61هـ وَكَانَ عَالما بِالْقُرْآنِ والْحَدِيث والفرائض روى نَحْو 1300 حَدِيث، قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ رَأْسا فِي الْعلم النافع وَالْعَمَل الصَّالح توفّي 148هـ.
3 الحش: المرحاض.
4 الرياشي: هُوَ الْعَبَّاس بن الْفرج بن عَليّ بن عبد الله الرياشي الْبَصْرِيّ، من الموَالِي، لغَوِيّ وراوية عَارِف بأيام الْعَرَب، من أهل الْبَصْرَة ولد عَام 177هـ وَقتل فِيهَا أَيَّام فتْنَة الزنج عَام 257هـ.
5 لَيْسَ من المستحسن نقل زلات الْعلمَاء، وَمثل هَذَا الْكَلَام لَا يعْتد بِهِ وَالله أعلم بِصِحَّتِهِ.

الصفحة 110