كتاب تأويل مختلف الحديث

وَمِنْهُم الْمَنْصُورِيَّةُ 1
أَصْحَابُ أَبِي مَنْصُورٍ الْكِسَفِ وَكَانَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: فيَّ نَزَلَ قَوْلُهُ: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} 2.
وَمِنْهُمُ الْخَنَّاقُونَ وَالشَّدَاخُونَ:
وَمِنْهُمُ الْغُرَابِيَّةُ:
وَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ.
فَغَلِطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ بُعِثَ إِلَى عَلِيٍّ لِشَبَهِهِ بِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَلَا نَعْلَمُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ أَحَدًا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ لِبِشْرٍ غَيْرَهُمْ.
فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبَأٍ3 ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ لَعَلِيٍّ، فَأَحْرَقَ عَلِيٌّ أَصْحَابَهُ بِالنَّارِ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ:
لَمَّا رَأَيْتُ الْأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا
أَجَجْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ فَنْبَرَا
وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا ادَّعَى النُّبُوَّةَ لِنَفْسِهِ غَيْرَهُمْ.
فَإِن الْمُخْتَار4 ابْن أَبِي عُبَيْدٍ، ادَّعَى النُّبُوَّةَ لِنَفْسِهِ وَقَالَ: إِن جِبْرِيل5
__________
1 أَصْحَاب أبي مَنْصُور الْعجلِيّ، وَقد زعم هَذَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الكسف السَّاقِط من السَّمَاء، وَرُبمَا قَالَ هُوَ الله تَعَالَى، وَزعم أَن الرُّسُل لَا تَنْقَطِع، وَزعم أَن الْجنَّة رجل أمرنَا الله تَعَالَى بموالاته، وَالنَّار رجل أمرنَا بمعاداته وَتَأَول الْفَرَائِض بِرِجَال أمرنَا بِمُوَالَاتِهِمْ ... إِلَخ.. من الضلال والمنكرات.
2 الْآيَة 44 من سُورَة الطّور.
3 عبد الله بن سبأ: رَأس الطَّائِفَة السبئية وَكَانَت تَقول بألوهية عَليّ. أَصله من الْيمن، قيل كَانَ يَهُودِيّا أظهر الْإِسْلَام، رَحل إِلَى الْحجاز فالبصرة فالكوفة فدمشق فَأخْرجهُ أَهلهَا، فَانْصَرف إِلَى مصر وجهر ببدعته. قَالَ ابْن حجر: هُوَ من غلاة الزَّنَادِقَة أَحسب أَن عليًّا حرقه بالنَّار توفّي 40هـ.
4 الْمُخْتَار ابْن أبي عبيد بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ ولد عَام 1هـ فِي الطَّائِف وَأحد الشجعان الأفذاذ وَمن زعماء الثائرين على بني أُميَّة، وَقد انتقم من قاتلي الْحُسَيْن بن عَليّ فَقتل مُعظم رؤوسهم وَقيل ادّعى النُّبُوَّة وَقتل آخر الْأَمر عَام 67هـ.
5 وَفِي نُسْخَة: جِبْرِيل يأتيني، وَمِيكَائِيل، فَصدقهُ.

الصفحة 125