كتاب تأويل مختلف الحديث

تَمْيِيزُ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ لِلتَّحْذِيرِ فِيهَا:
وَقَدْ يَعِيبُهُمُ الطَّاعِنُونَ بِحَمْلِهِمُ الضَّعِيفَ، وَطَلَبِهِمُ الْغَرَائِبَ، وَفِي الْغَرِيبِ الدَّاءُ.
وَلَمْ يَحْمِلُوا الضَّعِيفَ وَالْغَرِيبَ، لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُمَا حَقًّا، بَلْ جَمَعُوا الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَالصَّحِيحَ وَالسَّقِيمَ، لِيُمَيِّزُوا بَيْنَهُمَا، وَيَدُلُّوا عَلَيْهِمَا، وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَالُوا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ: "شُرْبُ الْمَاءِ عَلَى الرِّيقِ، يَعْقِدُ الشَّحْمَ"1 هُوَ مَوْضُوعٌ، وَضَعَهُ عَاصِمٌ الْكُوزِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّهُ كَانَ يَبْصُقُ فِي الدَّوَاةِ، وَيَكْتُبُ مِنْهَا". مَوْضُوعٌ، وَضَعَهُ عَاصِمٌ الْكُوزِيُّ.
قَالُوا: وَحَدِيثُ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يُجِزْ طَلَاقَ الْمَرِيضِ" مَوْضُوعٌ وَضَعَهُ سَهْلٌ السَّرَّاجُ.
قَالُوا: وَسَهْلٌ كَانَ2 يُرْوَى أَنَّهُ رَأَى الْحَسَنَ يُصَلِّي بَيْنَ سُطُورِ3 الْقُبُورِ.
وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْحَسَنَ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْقُبُورِ"4.
قَالُوا: وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزَالُ الرَّجُلُ رَاكِبًا مَا دَامَ مُنْتَعِلًا" بَاطِلٌ، وَضَعَهُ أَيُّوبُ بْنُ خُوطٍ.
وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَارُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ الْعِيدِ بِالْحِرَابِ" هُوَ بَاطِلٌ وَضَعَهُ الْمُنْذِرُ بْنُ زِيَادٍ.
__________
1 وَفِي إِسْنَاده: عَاصِم بن سُلَيْمَان، وَضاع. "الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة للشوكاني ص 186 برقم 73".
2 وَفِي نُسْخَة: وَسَهل روى أَن الْحسن كَانَ يُصَلِّي.
3 سطور الْقُبُور: أَي صفوفها.
4 أخرجه التِّرْمِذِيّ: صَلَاة 141 وَابْن ماجة: مَسَاجِد 4.

الصفحة 128