كتاب تأويل مختلف الحديث

قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ
13- خَيْرُ الْقُرُونِ:
قَالُوا: رَوَيْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ أُمَّتِي، مَثَلُ الْمَطَرِ، لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ، أَمْ آخِرُهُ"1.
ثُمَّ رَوَيْتُمْ "إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا" 2.
وَأَنَّهُ قَالَ: "خَيْرُ أُمَّتِي، الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِ" 3.
قَالُوا: وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاخْتِلَافٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضٌ وَلَا اخْتِلَافٌ، لِأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا" أَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ حِينَ بَدَأَ قَلِيلٌ، وَهُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَلِيلٌ إِلَّا أَنَّهُمْ خِيَارٌ.
وَمِمَّا يَشْهَدُ لِهَذَا، مَا رَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، أَو عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خِيَارُ أُمَّتِي أَوَّلُهُا وَآخِرُهَا"، وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَبَجٌ أَعْوَجُ، لَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ"4 وَالثَّبَجُ: الْوَسَطُ.
__________
1 مُسْند أَحْمد 3/ 143، وَالتِّرْمِذِيّ 4/ 40، والفوائد للكرمي 74، والدرر برقم 364، وفتاوى النَّوَوِيّ 121، والمقاصد 374، والتمييز 147، والكشف 2/ 197 وَهُوَ حَدِيث حسن. وَانْظُر صَحِيح الْجَامِع للألباني رقم 5854.
2 مُسلم: ك1 ح232، وَالتِّرْمِذِيّ: ك38 ب13، والدارمي ك20 ب42، وَابْن ماجة: ك36 ب15 ومسند أَحْمد 1/ 398، 4/ 73.
3 الْمَقَاصِد الْحَسَنَة ص104 وَهُوَ حَدِيث صَحِيح.
4 وَجَدْنَاهُ بِلَفْظ: "خِيَار أمتِي أَولهَا، وَآخِرهَا نهج أَعْوَج، لَيْسُوا مني وَلست مِنْهُم" ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير للألباني برقم 2866 وسلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم 3559.
وَقد ورد فِي مَكَان آخر بِلَفْظ: "خير أمتِي أَولهَا وَآخِرهَا، وَفِي سوطها الكدر ". عَن أبي الدَّرْدَاء. ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير للألباني برقم 2902 وَالْأَحَادِيث الضعيفة برقم 3572.

الصفحة 180