كتاب تأويل مختلف الحديث

وَأَبُو سبطيه الْحسن وَالْحُسَيْن وَأَصْحَاب الكساء: عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن تمعرت الْوُجُوه وتنكرت الْعُيُون".
فَهَذَا القَوْل مِمَّا ينصف ابْن قُتَيْبَة لَا شكّ، وَلَيْسَ فِي الأولى عَلَيْهِ حرج.
علمه:
وَأما عَن علمه، فَلم يعْدم "ابْن قُتَيْبَة" الْمنصف والطاعن: أما عَن الَّذين أنصفوه هُنَا، فيكادون يكونُونَ هم الَّذين أنصفوه هُنَاكَ -عِنْد الحَدِيث عَن آرائه- وتكاد تكون كلماتهم هُنَاكَ هِيَ كلماتهم هُنَا.
وَأما عَن الَّذِي اتَّهَمُوهُ فِي علمه، فَإنَّا نجدهم نَفرا آخَرين، وَلَعَلَّ أقدم من أنكر على ابْن قُتَيْبَة علمه، هُوَ ابْن الْأَنْبَارِي "ت238هـ"، نجد ذَلِك على لِسَان ابْن تَيْمِية حِين يَقُول: "وَابْن الْأَنْبَارِي من أَكثر النَّاس كلَاما فِي مَعَاني الْآي المتشابهات، يذكر فِيهَا من الْأَقْوَال مَا لم ينْقل عَن أحد من السّلف ويحتج لما يَقُول فِي الْقُرْآن بالشاذ من اللُّغَة. وَقصد ابْن تَيْمِية بذلك رد إِنْكَار ابْن الْأَنْبَارِي على ابْن قُتَيْبَة.
وَمن بعد الْأَنْبَارِي: أَبُو الطّيب "ت351هـ" إِذْ يَقُول فِي كِتَابه مَرَاتِب النَّحْوِيين: "وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسلم بن قُتَيْبَة الدينَوَرِي أَخذ عَن أبي حَاتِم والرياشي وَعبد الرَّحْمَن بن أخي الْأَصْمَعِي. وَقد أَخذ ابْن دُرَيْد عَن هَؤُلَاءِ كلهم وَعَن الأشنانداني إِلَّا أَن ابْن قُتَيْبَة خلط عَلَيْهِ بحكايات عَن الْكُوفِيّين لم يكن أَخذهَا عَن ثِقَات. وَكَانَ يشرع فِي أَشْيَاء لَا يقوم بهَا، نَحْو تعرضه لتأليف كِتَابه فِي النَّحْو، وَكتابه فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا، وَكتابه فِي معجزات النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعيون الْأَخْبَار والمعارف وَالشعرَاء وَنَحْو ذَلِك مِمَّا أزرى بِهِ عِنْد الْعلمَاء وَإِن كَانَ نفق بهَا عِنْد الْعَامَّة وَمن لَا بَصِيرَة لَهُ".
وَغير ابْن الْأَنْبَارِي وَأبي الطّيب نجد: الْحَاكِم أَبَا عبد الله مُحَمَّد النيسابوي "ت405هـ" الَّذِي يَقُول: "أَجمعت الْأمة على أَن القتيبي كَذَّاب".
كَمَا نجد "ابْن تغريبردي" يروي "ت874هـ" "وَكَانَ ابْن قُتَيْبَة خَبِيث اللِّسَان يَقع فِي حق كبار الْعلمَاء".

الصفحة 33