كتاب تأويل مختلف الحديث
53- قَالُوا: حَدِيثٌ يَدْفَعُهُ الْكِتَابُ وَحُجَّةُ الْعَقْلِ- دَاجِنٌ تَأْكُلُ صَحِيفَةً مِنَ الْكِتَابِ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: "لَقَدْ نَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ، وَرَضَاعِ الْكَبِيرِ عَشْرًا، فَكَانَتْ فِي صَحِيفَةٍ تَحْتَ سَرِيرِي عِنْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَشُغِلْنَا بِهِ، دَخَلَتْ دَاجِنٌ لِلْحَيِّ، فَأَكَلَتْ تِلْكَ الصَّحِيفَةَ"1.
قَالُوا: وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} 2، فَكَيْفَ يَكُونُ عَزِيزًا، وَقَدْ أَكَلَتْهُ شَاةٌ، وَأَبْطَلَتْ فَرْضَهُ، وَأَسْقَطَتْ حُجَّتَهُ؟
وَأَيُّ أَحَدٍ يَعْجَزُ عَنْ إِبْطَالِهِ، وَالشَّاةُ تُبْطِلُهُ؟
وَكَيْفَ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 3، وَقَدْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ مَا يَأْكُلُهُ؟
وَكَيْفَ عَرَّضَ الْوَحْيَ لِأَكْلِ شَاةٍ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِحْرَازِهِ وَصَوْنِهِ؟
وَلِمَ أَنْزَلَهُ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ الْعَمَلَ بِهِ؟
__________
1 أخرجه ابْن ماجة: فِي كتاب النِّكَاح بَاب رقم36 بَاب رضاعة الْكَبِير رقم الحَدِيث 1944، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف، وَقد رَوَاهُ مُسلم وَأَصْحَاب السّنَن بِدُونِ ذكر أَن داجنا أكلت الصَّحِيفَة، وَالَّتِي هِيَ مَحل الشَّاهِد. والداجن: هِيَ الشَّاة يعلفها النَّاس فِي مَنَازِلهمْ، وَقد يَقع على غير الشَّاة من كل مَا يألف الْبيُوت من الطير وَغَيرهَا.
2 الْآيَة: 42 من سُورَة فصلت.
3 الْآيَة: 3 من سُورَة الْمَائِدَة.
الصفحة 439