كتاب العراق في أحاديث وآثار الفتن (اسم الجزء: 1)

ثانياً: قال الداودي عند إيراده هذا الحديث: «يريد أن ذلك يكون في آخر الزمان» (¬1) وقد حمله جمع على أمر قد تمّ؛ منهم:
ابن حزم، قال بعد كلام: «إنه -أي: هذا الحديث- إنذار منه -عليه السلام- بسوء العاقبة في آخر الأمر، وأنّ المسلمين سيمنعون حقوقهم في هذه البلاد، ويعودون كما بدأوا، وهذا -أيضاً- حق قد ظهر، وإنا لله وإنا إليه راجعون» (¬2) .
وذكر ذلك بناءً على معنىً ذكره في مكان سابق لهذا الكلام، قال:
«وإنما قصد -عليه السلام- في هذا الحديث الإنذار بجلاء أيدي المفتتحين لهذه البلاد من أخذ طعامها ودراهمها ودنانيرها فقط، وقد ظهر ما أنذر به -عليه السلام-» (¬3) .
فكأنه أراد أن معنى (المنع) : «سيرجعون من الطاعة، ويأبون مَنْ إذا ما وُظِّفَ عليهم في أحدِ الأمر، وذلك أنهم يرتدون عن الإسلام، وعن أداء الجزية، ولم يكن ذلك في زمانه، ولكن أخبر أنهم سيفعلون ذلك» (¬4) .
وفي هذا المعنى نظر، قدمنا المؤاخذات عليه فيما مضى (¬5) .
وممن ذهب إلى هذا الرأي (¬6) من الأقدمين -قبل ابن حزم-: الخطابي،
¬_________
(¬1) «الأموال» (ص 143 - ط. دار السلام) ، ومثله عند ابن القيم في «أحكام أهل الذمة» (1/265 - ط. الرمادي) .
(¬2) «المحلى» (7/341 - مسألة رقم 957) . ونقله عنه ابن حجر في «الفتح» (6/280) .
(¬3) «المحلى» (5/247-248 رقم 642) .
(¬4) «التذكرة» (3/213 - ط. دار ابن كثير) .
(¬5) انظر: (ص 227 وما بعد) .
(¬6) بمعنى أن المنع قد ظهر وانتهى.

الصفحة 435