كتاب العراق في أحاديث وآثار الفتن (اسم الجزء: 1)

«تُعرض (¬1) الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً (¬2) ، فأي قلب أُشربها (¬3)
نُكت فيه نكتة (¬4) سوداء، وأي قلب أنكرها (¬5) نُكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا (¬6) ، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخرُ أسودُ مُربادّاً (¬7) ، كالكوز مُجَخِّياً (¬8) لا يعرف معروفاً ولا ينكر
¬_________
(¬1) «تعرض الفتن» ؛ أي: تلصق بعرض القلوب -أي: جانبها- كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه شدة التصاقها به. قاله النووي (2/226) .
(¬2) «عوداً عوداً» ، قال النووي: هذان الحرفان مما اختلف في ضبطه على ثلاثة أوجه؛ أظهرها وأشهرها: عُوداً عُوداً. والثاني: عَوداً عَوداً. والثالث: عَوذاً عوذاً. ولم يذكر صاحب «التحرير» غير الأول. وأما القاضي عياض فذكر هذه الأوجه الثلاثة عن أئمتهم، واختار الأول ... -أيضاً-. انظر: «شرح النووي» (2/226) ، «إكمال المعلم» (1/452) .
(¬3) «فأي قلب أشربها» ؛ أي: دخلت فيه دخولاً تامّاً وألزمها، وحلت منه محل الشراب. ومنه قوله -تعالى-: {وأُشرِبُوا في قُلوبِهم العِجل} [البقرة: 93] ؛ أي: حب العجل. ومنه قولهم: ثوب مشرب بحمرة؛ أي: خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها. قاله عياض (1/453) ، والنووي (2/227) ..
(¬4) «نكت فيه نكتة» ؛ أي: نقط نقطة. قال ابن دريد وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت. قاله عياض (1/453) ، والنووي (2/227) .
(¬5) «أنكرها» : ردّها.
(¬6) «مثل الصفا» ، قال القاضي عياض -رحمه الله- (1/453) : ليس تشبيهه بالصفا بياناً لبياضه، لكن صفة أخرى؛ لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه؛ كالصفا؛ وهو: الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء، ونقله النووي (2/227) .
(¬7) «مربادّاً» ، قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- (2/227) : كذا هو في روايتنا، وأصول بلادنا، وهو منصوب على الحال. وذكر القاضي عياض [1/454] خلافاً في ضبطه، وإن منهم من ضبطه كما ذكرنا، ومنهم من رواه مربئدّ. قال القاضي: وهذه رواية أكثر شيوخنا. وأصله أن لا يهمز، ويكون مربدّ؛ مثل: مسودّ ومحمرّ. وكذا ذكره أبو عبيد الهروي [في «غريبه» (4/121) ] ، وصححه بعض شيوخنا عن أبي مروان بن سرّاج؛ لأنه من اربدّ، إلا على لغة من قال: احمأرّ، بهمزة بعد ميم لالتقاء الساكنين. فيقال: اربأد ومربئد، والدال مشددة على القولين، وسيأتي تفسيره.
(¬8) «مجخياً» ؛ معناه: مائلاً. كذا قاله الهروي وغيره. وفسره الراوي في الكتاب بقوله: =

الصفحة 45