كتاب العراق في أحاديث وآثار الفتن (اسم الجزء: 2)

فصل (¬1)
فيما ورد من اجتماع جبابرة الأرض وإنفاق خزائنها لضرب بغداد
وذهابها في الأرض على وجه أسرع من الوتد الحديد في الأرض الرخوة
أخرج الخطيب في «تاريخه» (1/28 أو 1/325- 326 - ط. دار الغرب) -وعنه الديلمي في «الفردوس» (2/ق 50 - مع «الزهر» ) - وهو في مطبوعه (2/73 رقم 411 -غير المسندة-) ومن طريقه ابن الجوزي في «الموضوعات» (2/63-64) - من طريق خلف بن تميم، قال: حدثني عمار ابن سيف، عن عاصم، عن أبي عثمان، قال: مرَّ جرير بن عبد الله بقنطرة الصَّراة، فقيل: يا صاحب رسول الله! ألا تنزل فتصيب من الغداء؟ قال: فضرب خاصرة فرسه بسوطه، وقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«تُبنى مدينة (¬2) . . .
¬_________
(¬1) لك أن تقدم هذا (الفصل) على الذي قبله؛ إذ الخروج حاصل -إن صح الخبر- قبل الضرب وبعده، ويظهر على وجه أظهر مع مرور الزمن، ولا قوة إلا بالله، وإليه وحده -سبحانه- المشتكى.
(¬2) هي بغداد، صرح بذلك الخلال في «علله» (ص 298) ، فبوّب على الحديث (بغداد) ، وبوب الخطيب عليه في «تاريخ بغداد» (1/325 - ط. الغرب) -وساق طرقه وأكثر- (باب ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد والطعن على أهليها، وبيان فسادها وعللها، وشرح أحوال رواتها وناقليها) ، وتتابع المتأخرون على ذلك؛ كابن الجوزي في «الموضوعات» (2/60) ، بوب عليه (باب في ذكر بغداد) ، والسيوطي في «الخصائص الكبرى» (2/151) وبوَّب عليه (باب إخباره - صلى الله عليه وسلم - ببناء بغداد) .
بل ورد التصريح بذلك في بعض الروايات عن سفيان -كما سيأتي-، قال الشوكاني في =
بين دجلة ودُجَيل (¬1) ،
وقُطْرَبُّل (¬2) والصَّراة (¬3) ، يُجبى إليها خزائن الأمصار وجبابرتها، يخسف بها وبمن فيها، فلهي أسرعُ ذهاباً في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة» .
كذا رواه يوسف بن سعيد عن خلف، ورواه إبراهيم بن زياد عنه دون: «يخسف بها وبمن فيها» . وقال: «الأرض» ، بدل: «الأمصار» ، وروايته عند الخطيب (1/325) ومن طريقه ابن الجوزي (1/63) .
وأخرجه ابن عدي في «الكامل» (5/1726) من طريق القاسم بن زكريا ابن دينار، والخطيب في «تاريخ بغداد» (11/459-460 - ط. الغرب) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، وابن بشران في «الأمالي» (¬4) -وعنه
¬_________
= «الفوائد المجموعة» (ص 435) : «وللحديث طرق ... وفي بعضها التصريح بأنها بغداد» .
و (بغداد) من (الصراة) إلى (باب التبن) قاله الإمام أحمد فيما نقله الخطيب في «تاريخه» (1/71) . وانظر مزيد إيضاح له فيه (1/75-76، 110) ، و «خطط بغداد» .
(¬1) مدينة لا تزال إلى الآن في شمال بغداد، جنوب مدينة سامرّاء. وانظر: «خطط بغداد في العهود العباسية الأولى» (ص 72، 119) .

وذكر أصحاب «الخطط» أن المنصور لما بنى (بغداد) أتبع مجرى (دجلة) ، ولم يتبع مجرى (الفرات) ، وذكروا في ذلك منافع واضحة، أشار هو إلى بعض من ذلك ذكره اليعقوبي في «البلدان» (237-238) ، ونقله عنه برنارد لويس في كتابه «العرب في التاريخ» (ص 82) ، وعمل على تحليله والتعليق عليه. وانظر: «خطط بغداد في العهود العباسية» .
(¬2) قُطْرَبُّل: اسم قرية قريبة من بغداد، وكانت مُتَنَزَّهاً للبطالين، وحانة للخمّارين. انظر: «معجم البلدان» (4/371) ، و «مراصد الاطلاع» (3/1106) ، و «الأنساب» (10/190) .
(¬3) الصراة: نهر ببغداد، يأخذ من نهر عيسى من عند بلدة يقال لها (المحوَّل) ، بينها وبين بغداد فرسخ، ويسقي ضياع (بادوريا) ، ويتفرع منه أنهار إلى أن يصل إلى بغداد، فيمر بقنطرة العباس ثم قنطرة الصبيبات، ثم قنطرة رحا البطريق، ثم القنطرة العتيقة، ثم القنطرة الجديدة، ويصبّ في دجلة، قاله ياقوت في «معجم البلدان» (3/399) ، وزاد: «ولم يبق عليه الآن إلا القنطرة العتيقة والجديدة» . وانظر: «مراصد الاطلاع» (2/836) .
(¬4) ليس في (المجلدين) المطبوعين منه، ولم يكمل طبعه بعد.

الصفحة 478