ثالثاً: لا تعارض بين وصف الذي أُحسر عنه بـ (جبل) ، أو (تل) ، أو (كنز) ، أو (جزيرة) ، وتسميته (كنزاً) باعتبار حاله قبل أن ينكشف، وتسميته (جبلاً) أو (تلاًّ) للإشارة إلى كثرته (¬1) .
قال علي القاري في «شرح المشكاة» (5/173) :
«الظاهر أن القضية متحدة، والرواية متعددة، فالمعنى: عن كنز عظيم، مقدار جبل من ذهب، ويحتمل أن يكون هذا غير الأول، ويكون الجبل معدناً من ذهب» .
قلت: يريد: يحتمل أن يكون ما يظهر جبلاً حقيقة فيه كنز من ذهب، ويحتمل أن يكون كنزاً سمِّي في هذه الرواية جبلاً لكثرة ما فيه من ذهب (¬2) ، ولم يرض صاحب «عون المعبود» (11/438) هذه التفرقة، وتعقب عليّاً القاريَّ بقوله فيه: «قلت: هذا الاحتمال غير ظاهر، والظاهر هو الأول، بل هو المتعيّن» .
رابعاً: في قوله صلى الله عليه وسلم: «فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً» ، وهذا يشعر بأن الأخذ منه ممكن، وعلى هذا؛ فيجوز أن يكون دنانير، ويجوز أن يكون قطعاً، ويجوز أن يكون تبراً (¬3) ؛ إذ هذا الجبل أو الكنز مطمور في البحر، وهو غير معروف، فإذا ما تحول مجرى النهر، أو جفّ ماؤه لسبب من الأسباب انكشف هذا الجبل، وبيّن عما هو في باطنه.
¬_________
(¬1) «فتح الباري» (13/80) ، «عمدة القاري» (24/214) ، «عون الباري» (6/420) ، «تحفة الأحوذي» (7/291) ، و «عون المعبود» (11/437) ، وفاتت هؤلاء جميعاً لفظة (جزيرة) ، وهي في «جزء حنبل» كما قدمناه.
(¬2) انظر: «تكملة فتح الملهم» (6/288) .
(¬3) المراجع السابقة، و «عمدة القاري» (24/213) ، «درجات مرقاة الصعود» (ص 185) .