عنه النبي صلى الله عليه وسلم من ظهور المعادن وحضور شرار الناس عندها، وهذا يلتقي مع ما نحن بصدده من حَسْرِ الفرات عن الذهب، وهذا ما وقفتُ عليه من أحاديث في ذلك:
أخرج أحمد في «المسند» (5/430) : حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن رجل من بني سُليم، عن جده أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بفضة، فقال: هذه من معدن لنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ستكون معادنُ يحضرها (¬1) شرارُ الناس» .
وهذا حديث حسن بشواهده، رجاله ثقات عدا إبهام الرجل الذي من بني سُليم وجده.
قال شيخنا الألباني في «السلسلة الصحيحة» (4/506 رقم 1885) : «رجاله ثقات، رجال الشيخين غير الرجل؛ فإنه لم يسمّ» .
وأخرج الطبراني في «المعجم الصغير» (رقم 426) وفي «الأوسط» (¬2) (رقم 3556) -ومن طريقه الخطيب في «تاريخ بغداد» (8/246-247) - من طريق سُعير بن الخميس، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بقطعة من ذهب، كانت أول صدقة جاءته من معدن. فقال: ما هذه؟ قالوا: صدقة من معدن لنا. فقال:
¬_________
(¬1) ضبطه أحمد الغُماري في «مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البرية» (ص 26-27) : «يُحَضِّرها» ، قال: «هو بضم الياء وفتح الحاء، وكسر الضاد المشدّدة» ، وفسرها بقوله: «أي: يهيئها للاستعمال، ويجعلها حاضرة لذلك، صالحة لما حُضّرت له» . وتابعه على هذا سعيد حوى في كتابه «الرسول - صلى الله عليه وسلم -» (2/135) ، قال بعد أن ساق الحديث باللفظ المذكور:
«ونحن نعلم أن معدن البلاد القريبة من الحجاز في عصرنا، إنما يستخرجه الأجانب بوسائلهم الكثيرة» ، قال: «ولاحِظْ كلمة «يحضّرها» المشدّدة الضاد» !
قلت: والروايات الآتية للحديث تردّ هذا الضبط، ويَرِد على المعنى المذكور بالحطّ.
(¬2) لم يعزه في «كنز العمال» (11/171 رقم 31082) إلا لـ «الأوسط» للطبراني.