الثانية: إن أهلها سيؤدون خراجاً للمسلمين ثم يمنعونه» .
وقال المباركفوري في «منية المنعم» (4/351) :
«وفي هذا الحديث ثلاثة أخبار عظيمة:
الأول: أنّ العراق والشام ومصر تفتح للمسلمين، وتدخل تحت حكمهم وطاعتهم، وتؤدي إليهم صدقاتها وجزيتها.
الثاني: أنّ كلاًّ من هذه البلاد تستقلّ، فتمنع أداء مالها إلى أهلها من المسلمين، وذلك إما بانقطاعها عن مركز خلافة المسلمين، أو بانقطاع الخلافة نفسها.
الثالث: أنّ العرب يعودون إلى ما كانوا عليه قبل الإسلام أو في بدايته حيث كانوا مشتتين، لم تكن تأتيهم خيرات البلاد، وقد حصل كلٌّ من ذلك» .
ثانياً: فيه صحة ما جاء في الأحاديث من توقيته صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحُلَيفة، ولأهل الشام الجُحفَة، ولأهل اليمن يلملم، وهو في المتفق عليه (¬1) ، وما في «صحيح مسلم» (¬2) عن جابر: «ولأهل العراق ذات عرق» . فهذا من دلائل النبوة؛ حيث أخبر عما وقع من حجّ أهل الشام واليمن والعراق ... -صلوات الله وسلامه عليه (¬3) -، وفيه ردٌّ على المعترض على هذا التوقيت بقوله: لم تكنِ العراقُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات إسلام (¬4) .
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في «صحيحه» (الأرقام 1524، 1526، 1529، 1530، 1845) ، ومسلم في «صحيحه» (1181) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(¬2) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1183) بعد (18) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-.
(¬3) «البداية والنهاية» (6/203) .
(¬4) انظر: «الاستذكار» (11/78) و «التمهيد» (15/141) كلاهما لابن عبد البر -وسبق كلامه بطوله-.