أمر دينهم، فقال: «لا تأخذا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر» (¬1) .
وأما الخراج على الأرض؛ فهو: أن تأخد الدولة من صاحب الأرض قدراً معيناً تقدره وتحدده، بحسب إنتاج الأرض التقديري عادة، لا الإنتاج الفعلي. ويقدر على الأرض بقدر احتمالها حتى لا يُظلم صاحبُ الأرض، ولا بيت المال. ويُحَصَّلُ الخراجُ كلَّ سنة من صاحب الأرض، سواء زرعت الأرض أو لم تزرع، وسواء أخصبت أو أجدبت، ودليله: إن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- بعث عثمان بن حنيف على السواد، وأمره أن يمسحه، فوضع على كل جريب عامر أو غامر مما يعمل مثله درهماً وقفيزاً (¬2) . ويوضع الخراج في بيت المال في غير باب الزكاة، ويصرف على جميع الوجوه التي تراها الدولة، كما يصرف سائر المال.
والأرض التي فتحت عنوة وضرب عليها الخراج يبقى خراجها أبد الدهر، فإن أسلم أهلها أو باعوها إلى مسلم لم يسقط خراجها؛ لأن صفتها من كونها فتحت عنوة باقية إلى آخر الزمان، ووجب عليهم دفع العشر مع الخراج؛ لأن الخراجَ حقٌّ وجب على الأرض، والعشرُ حقٌّ وجَبَ على ناتج أرض المسلم بالآيات والأحاديث، ولا تنافي بين الحقين؛ لأنهما وجبا بسببين
¬_________
(¬1) الحديث صحيح. انظر: «تمام المنة» (368-369) ، «إرواء الغليل» (رقم 801) .
(¬2) أخرجه أبو يوسف في «الخراج» (ص 134/رقم 47، 48، 49) ، وأبو عبيد في «الأموال» (ص 86-88/رقم 172-175) ، وابن زنجويه في «الأموال» (1/60 رقم 159) ، وابن المنذر في «الأوسط» (11/47-48 رقم 6434، 6435، 6436) ، وعبد الرزاق (6/10 و10/333) ، والبيهقي (9/136) من طرق كثيرة، تدلل على أن له أصلاً.
وانظر فيما ورد عنه مما يدلل على ما ذكرناه في جل ما قدمناه من أحكام -عدا ما تقدم-: «موطأ مالك» (1/281) ، «الخراج» ليحيى (48) ، «الرد على سير الأوزاعي» (92) ، «سنن البيهقي» (9/134) ، «المحلى» (7/345) ، «مسند الفاروق» (2/498-501) لابن كثير.