كتاب العراق في أحاديث وآثار الفتن (اسم الجزء: 1)

قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: «فإنه صلى الله عليه وسلم قد أخبر في غير هذا الحديث أنهم لا يزالون يخرجون إلى زمن الدجال، وقد اتفق المسلمون على أنّ الخوارج ليسوا مختصّين بذلك العسكر» (¬1) .
يشير شيخ الإسلام ابن تيمية إلى ما أخرجه ابن ماجه (1/177-178 رقم 174 - ط. عواد) وغيره بإسناد صحيح عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ينشأ نشءٌ يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج فِرْقٌ قُطِع، حتى يخرج في أعراضهم الدجال» .
وبوّب عليه شيخنا الألباني -رحمه الله- في «السلسلة الصحيحة» (5/582 رقم 2455) : (استمرار خروج الخوارج) .
فمن سنة الله -عز وجل- التي لا تتخلف البتة في الخوارج ومن يسير على منهجهم في التغيير (¬2) -كما في هذا الحديث-، أنّ هؤلاء يظهرون بين الفينة والفينة ثم يُقْطعون، وورد (القطع) بصيغة المبني للمجهول، فيقطعون
¬_________
= (10/536 رقم 37904) مختصراً، والطيالسي (923) ، وأحمد (4/421-422) ، والبزار (9/294 رقم 3846) بسند ضعيف، فيه الأزرق بن قيس، وشريك بن شهاب لم يوثقه غير ابن حبان، وأصله ثابت في «الصحيحين» وغيرهما من حديث جماعة من الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهذا المعنى صحيح، يشهد له ما أخرج البخاري (361) ، ومسلم (1066) ، وغيرهما من حديث علي رفعه: «يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ... » . وهذه كلمات وصفات لا تنطبق على الذين خرجوا على علي أول الأمر، ففي هذا الحديث قال: «في آخر الزمان» ، والأحاديث الكثيرة في الخوارج لم يذكر فيها «في آخر الزمان» ، بل ذكر فيها: «سيخرج قوم ... » فقط، وهنا قال: «في آخر الزمان» ، ومن المعلوم أنّ الذين خرجوا على علي كانوا في أول الزمان.
وانظر: «الخوارج والفكر المتجدد» (ص 33) ، وما سيأتي قريباً من حديث ابن عمر.
وانظر: «مجمع الزوائد» (6/299) .
(¬1) «مجموع فتاوى ابن تيمية» (28/496) ، وانظره (28/499) .
(¬2) انظر مزيد بسط لهذا فيما يأتي قريباً عن الفرق بين (الجهاد) و (الثورة) .

الصفحة 62