كتاب أخبار المدينة

منهما، فأقول: ألا تصلى ههنا؟ وأشير له إلى بعض نواحى المسجد، فيقول: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى هذا المقام (1) وقال ابن زبالة المخلق نحو من ثلثيها (2).
أسطوان القرعة: وتعرف بأسطوان عائشة رضي الله عنها، وبالأسطوان المخلق أيضاً، وبأسطوان المهاجرين.
روى ابن زبالة عن إسماعيل بن عبد الله (3) عن أبيه أن عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم وثالثاً كان معهما دخلوا على عائشة رضي الله عنها فتذاكروا المسجد، فقالت عائشة: إني لأعلم سارية من سوارى المسجد لو يعلم الناس ما في الصلاة إليها لاضطربوا عليها بالسهمان (4)، فخرج الرجلان وبقي ابن الزبير عند عائشة، فقال الرجلان: ما تخلف إلا ليسألها عن السارية، ولئن سألها لتخبرنه، ولئن أخبرته لا يعلمنا، وإن أخبرته عمد لها إذا خرج فصلى إليها، فاجلس بنا مكاناً نراه ولا يرانا، ففعلا، فلم ينشب أن خرج مسرعاً فقام إلى هذه السارية فصلى إليها متيامناً إلى الشق الأيمن منها، فعلم أنها هي، وسميت أسطوان عائشة بذلك، وبلغنا أن الدعاء عندها مستجاب، هذا لفظ ابن زبالة (5).
__________
(1) السمهودي: 2/ 439.
(2) السمهودي: 2/ 439.
(3) سبق تعريفه في ص 48
(4) السهمان: جمع سهم، والسهم في الأصل القدح الذي يضرب به في الميسر ثم سمي به ما يفوز به الفالج، وكثر ذلك حتى سمي كل نصيب سهماً، والمراد من قولها (لاضطربوا عليها بالسهمان) أنهم كانوا لا يسمحون لأحدهم بالصلاة عندها إلا إذا ضربوا عليها بالسهام فخرج لأحدهم سهم بالصلاة فيها، لحرص كل واحد على الصلاة عندها. انظر: ابن النجار: ص 91؛ والسمهودي: 2/ 440.
(5) السمهودي: 2/ 440.

الصفحة 100