وقال ابن زبالة: حدثني غير واحد من أهل العلم منهم الزبير بن حبيب أن الأسطوان التى تدعى أسطوان عائشة هي الثالثة من المنبر، والثالثة من القبر، والثالثة من القبلة، والثالثة من الرحبة، أي قبل زيادة الرواقين الآتي ذكرهما المتوسطة للروضة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إليها بضع عشرة المكتوبة ثم تقدم إلى مصلاه الذي وجاه المحراب في الصف الأوسط، أي الرواق الأوسط، وأن أبا بكر وعمر والزبير بن العوام وعامر بن عبد الله كانوا يصلون إليها، وأن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها، وكان يقال لذلك المجلس مجلس المهاجرين (1).
أسطوان التوبة: وتعرف بأسطوان أبي لبابة ابن عبد المنذر أخى بني عمرو ابن عوف الأوسي أحد النقباء، واسمه رفاعة، وقيل غير ذلك، سميت به لأنه ارتبط إليها حتى أنزل الله توبته (1).
روى ابن زبالة عن عمر بن عبد الله بن المهاجر عن محمد بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى نوافله إلى أسطوان التوبة (2).
وفي رواية له عن عمر بن عبد الله، لم يذكر ابن كعب، أنه قال في أسطوان التوبة: كان أكثر نافلة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها، وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين وأهل الضر وضيفان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤلفة
__________
(1) السمهودي: 2/ 441.
(2) السمهودي: 2/ 442. وقد اختلف أهل السير والتفسير في ذنب أبي لبابة، فقال قوم: كان من الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وقال ابن هشام تبعاً لابن إسحاق: سببه قضية بني قريظة واستشارتهم إياه، وأنهم قالوا: أننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه، وهو الذبح، فعلم أبو لبابة أن خان الله ورسوله فربط نفسه إلى جذع في موضع أسطوانة التوبة، حتى نزلت توبته، انظر ابن النجار: ص 89؛ والسمهودي: 2/ 442.
(3) المراغي: ص 59. وسعد الدين بن عمر بن محمد الاسفرايني: زبدة الأعمال، مخطوطة بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 24/ 2، ورقة 123. والسمهودي: 2/ 442.