كتاب أخبار المدينة

قلوبهم ومن لا مبيت له إلا في المسجد، قال: وقد تحلقوا حولها حلقاً بعضها دون بعض، فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح، فيتلوا عليهم ما أنزل الله عليه من ليلته، ويحدثهم ويحدثونه، حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا إليه مجلساً، فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم، فأنزل الله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} (1) إلى منتهى الآيتين، فلما نزل ذلك فيهم قالوا: يا رسول الله اطردهم عنا، ونكون نحن جلساؤك وإخوانك ولا نفارقك، فأنزل الله - عز وجل - {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} (2) إلى منتهى الآيتين (3).
وروى ابن زبالة عن عبد الله بن أبي بكر قال: وهي الأسطوان المخلق نحو من ثلثيها، تدعى أسطوان التوبة، منها حل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة حين نزلت توبته، وبينها وبين القبر أسطوان (4).
وأسند أيضاً عن ابن عمر أنه كان يقول في الأسطوان التى ارتبط إليها أبو لبابة: هي الثانية من القبر، وهي الثالثة من الرحبة (5).
وقال ابن زبالة: إن بين أسطوان التوبة وبين جدار القبر الشريف عشرين ذراعاً (6).
وأسند ابن زبالة ويحيى في بيان معتكف النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
(كان إذا اعتكف طرح له فراشه ووضع له سرير وراء أسطوانة التوبة) (7).
__________
(1) سورة الكهف: آية 28.
(2) سورة الأنعام: آية 52.
(3) المراغي: ص 59. والاسفرايني: ورقة 123. والسمهودي: 2/ 445.
(4) المراغي: ص 59. والسمهودي: 2/ 445.
(5) المراغي: ص 59. والسمهودي: 2/ 445.
(6) المراغي: ص 59. والسمهودي: 2/ 445.
(7) المراغي: ص 59. والسمهودي: 2/ 446، وأخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (12/ 385/ رقم 13424).

الصفحة 102