كتاب أخبار المدينة

الأمر بسد الأبواب الشارعة في المسجد الشريف (1):
قال ابن زبالة: حدثني محمد بن إسماعيل (2) عن إسحاق بن مسلم أن الخوخة التي جنب باب زياد في غربي المسجد الشارعة في رحبة الفضاء هي يمنى خوخة أبي بكر (3)، لما زيد في المسجد نحيت فجعلت يمناها (4).
وأسند يحيى من طريق ابن زبالة وغيره عن عبد الله بن مسلم الهلالي (5) عن أبيه عن أخيه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب التي في المسجد خرج حمزة بن عبد المطلب يجر قطيفة له حمراء، وعيناه تذرفان يبكى يقول: يا رسول الله أخرجت عمك وأسكنت ابن عمك، فقال: ما أنا أخرجتك ولا أسكنته، ولكن الله أسكنه (6).
وأسند ابن زبالة ويحيى من طريقه عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما الناس جلوس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج مناد فنادى: أيها الناس سدوا أبوابكم، فتحسحس (7) الناس لذلك ولم يقم أحد، ثم خرج الثانية فقال: أيها الناس سدوا أبوابكم، فلم يقم أحد، فقال الناس: ما أراد بهذا؟ فخرج فقال: أيها الناس سدوا أبوابكم قبل أن ينزل العذاب، فخرج الناس مبادرين، وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر
__________
(1) جاء في كتب الصحاح ما يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبي بكر وذلك في مرضه الأخير الذي مات فيه (، انظر: ابن النجار: ص 83؛ والسمهودي: 2/ 471 - 474.
(2) سبق تعريفه ص --.
(3) الخوخة: بفتح الخاء وسكون الواو - باب صغير كالنافذة الكبيرة، وقيل: هي طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء، ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب، وهو المقصود هنا، لهذا أطلق عليها باب. (السمهودي: 2/ 471).
(4) ذكر هذا النص لتوضيح مكان خوخة أبي بكر من الحرم وهو إذا دخلت من باب السلام كان على يسارك قريباً من الباب. (السمهودي: 2/ 474).
(5) عبدالله بن مسلم بن جندب الهذلي، المدني، المقري، قال أبو زرعة: لابأس به، وروى له الترمذي حديثاً واحداً (المزي: 16/ 128).
(6) السمهودي: 2/ 477. وذكر حمزة في القصة يدل على تقدمها.
(7) تحسس الناس لذلك: توجعوا. (السمهودي: 2/ 478).

الصفحة 112