كساءه حين نادى سدوا أبوابكم، قال: ولكل رجل منهم باب إلى المسجد أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم، قال: وجاء علي حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما يقيمك؟ إرجع إلى رحلك، ولم يأمره بالسد، فقالوا: سدّ أبوابنا وترك باب علي وهو أحدثنا، فقال بعضهم: تركه لقرابته، فقالوا: حمزة أقرب منه، وأخوه من الرضاعة وعمه، وقال بعضهم: تركه من أجل ابنته، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج إليهم بعد ثالثة فحمد الله وأثنى عليه محمراً وجهه - وكان إذا غضب احمر عِرْقٌ في وجهه - ثم قال: أما بعد ذلكم فإن الله قد أوحى إلى موسى أن اتخذ مسجداً طاهراً لا يسكنه إلا هو وهارون وأبناء هارون شبراً وشبيراً، و أوحى الله إلي أن اتخذ مسجداً طاهراً لا يسكنه إلا أنا وعلي وأبناء علي حسن وحسين، وقد قدمت المدينة، واتخذت بها مسجداً، وما أردت التحول إليه حتى أمرت، وما أعلم إلا ما علمت، وما أصنع إلا ما أمرت، فخرجت على ناقتي، فلقيتني الأنصار يقولون: يا رسول الله أنزل علينا، فقلت: خلوا الناقة فإنها مأمورة حتى نزلت حيث بركت، والله ما أنا سددت الأبواب وما أنا فتحتها، وما أنا أسكنت علياً، ولكن الله أسكنه (1).
وأسند ابن زبالة ويحيى من طريقه عن عمرو بن سهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب الشوارع في المسجد، قال له رجل من أصحابه: يا رسول الله دع لي كوة انظر منها حين تغدو وحين تروح، فقال: لا والله ولا مثل ثقب الإبرة (1).
6 - توسعة المسجد النبوي والزيادة فيه:
زيادة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في المسجد:
أسند ابن زبالة عن أنس قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبو بكر لم يحول المسجد فلما ولي عمر جعل أساطينه من لبن، ونزع الخشب، ومده في القبلة، وكان حد جدار
__________
(1) السمهودي: 2/ 478 - 479.
(2) السمهودي: 2/ 480.