كتاب أخبار المدينة

فأوحى الله - عز وجل - إلى داود: إن أغنى البيوت عن المظلمة بيتى، وقد حرمت عليك بنيان بيت المقدس، قال: فسليمان، فأعطاه سليمان، فقال عمر لأُبَيّ: ومن لي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا، فقال أُبَيّ لعمر: أتظن أني أكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ لتخرجن من بيتى، فخرج إلى الأنصار فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا؟ فقال هذا: أنا، وقال هذا: أنا، حتى قال ذلك رجال، فلما علم ذلك عمر قال: أما والله لو لم يكن غيرك لأجزت قولك، ولكن أردت أن أستثبت (1).
وروى يحيى من طريق ابن زبالة: حدثني محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب قال: قال عمر بن الخطاب: لو مد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحليفة لكان منه، ورواه ابن شبة من طريق أبي غسان المدني بدل ابن زبالة، وعلى كل حال هو معضل (2).
زيادة عثمان بن عفان في المسجد النبوي:
لما كانت سنة أربع من خلافة أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - كلمه الناس أن يزيد في المسجد وشكوا إليه ضيقه، فشاور عثمان أهل الرأي فأشاروا عليه بذلك، فصعد المنبر فخطب الناس ثم أعلمهم بذلك كالمستشير والعلم لهم بما يريده قال: وقد تقدمني إلى مثل ذلك عمر بن الخطاب، فحسنوا له ذلك ودعوا له، فدعا العمال وجد فيه فأمر بالقصة فأتى بها من بطن نخل فبناه بالحجارة المنقوشة والقصة، قيل: وبيضه بها، وكان ذلك قبل أن يقتل بأربع سنين، حكاه ابن زبالة ويحيى (3).
وروى ابن زبالة عن عبد الله بن عمر بن حفص قال: مد عمر بن الخطاب جدار القبلة إلى الأساطين التي إليها المقصورة اليوم، ثم زاد عثمان بن عفان حتى بلغ جداره اليوم،
__________
(1) السمهودي: 2/ 487/488.
(2) المعضل من الحديث: نوع من المنقطع، وهو في الأشهر: الذي سقط من رواته اثنان على الولاء فأكثر، وذلك بأن يروى تابع التابعي حديثاً يقفه على التابعي. (السمهودي، 2/ 497).
(3) المراغي: ص 47، والسمهودي: 2/ 503. وأظنه يقصد به أنه انتهى من التوسعة قبل أن يقتل بأربع سنين، والله أعلم.

الصفحة 115