وقال ابن زبالة ويحيى في روايتهما المتقدمة أيضاً: وكان - يعني المهدي - قبل بنيانه قد أمر به، فقدروا ما حوله فابتيع، وكان مما أدخل في المسجد من الدور دار مليكة (1).
قال ابن زبالة: وأخبرني إبراهيم بن محمد الزهري عن أبيه قال: كانت دار مليكة لعبد الرحمن بن عوف، وإنما سميت دار مليكة لأن عبد الرحمن أنزلها مليكة ابنة خارجة بن سنان فغلب عليها اسمها - ثم باعها بنو عبد الرحمن بن عوف من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فباعها عبد الله حين بناء المسجد، فأدخل بعضها في المسجد، وبعضها في رحبة المسارب وبعضها في الطريق قالوا: وأدخل دار شرحبيل بن حسنة، وكانت صدقة، فابتاعوا دوراً ومنازل فأوقفوها (2) صدقة وبقيت منها بقية، فابتاعها منهم يحيى بن خالد بن برمك فدخلت في الحش حش طلحة (3).
وقال ابن زبالة عقب ما تقدم: وأدخل بقية دار عبد الله بن مسعود التي يقال لها دار القراء، ودار المسوّر بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة (4).
وقال ابن زبالة ويحيى: وفرغ من بنيان المسجد سنة خمس وستين ومائة، وقد كان هم بسد خوخة آل عمر، وأمر بالمقصورة فهدمت وخفضها إلى مستوى المسجد، وكانت مرتفعة ذراعين عن وجه المسجد، فأوطأها مع المسجد، فكلمه آل عمر في خوختهم، حتى كثر الكلام بينهم، فأذن لهم ففتحوها وخفضوها في الأرض شبه
__________
(1) السمهودي: 2/ 538.
(2) الوقف: لغة: الحبس.
وشرعاً: حبس العين عن ملك الناس وخروجها من ملك صاحبها إلى ملك الله تعالى، والتصدق بريعها في جهة من جهات البر (أي تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة). انظر: ابن عابدين / ردّ المختار في شرح تنوير الأبصار، 3/ 394، وعلي الزهراني/ نظام الوقف في الإسلام، ص 36، 45.
(3) السمهودي: 2/ 538.
(4) ابن النجار: ص 104؛ والسمهودي: 2/ 539، نقلاً عن ابن زبالة.