كتاب أخبار المدينة

والعلوم الإسلامية كان لها أثرها في دفع المسلمين قدماً نحو كتابة التاريخ، والقرآن الكريم هو المصدر الأول لدراسة علم التاريخ عند العرب، ويليه الحديث والسنة، وكانت بداية التأليف العلمي في التاريخ وثيقة الصلة بهذين المصدرين.
ارتباط التاريخ بالحديث:
كان علم التاريخ العربي الإسلامي عند نشأته يقوم على دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والاهتمام بها وأخبار الغزوات ومن أسهم فيها من الصحابة رضوان الله عليهم، وكان مركز النشاط في هذه الحركة التاريخية يتمثل في مكة والمدينة، وكان المؤرخون الأُول من المسلمين يعتمدون فيه على الروايات الشفهية؛ شأنهم في ذلك شأن رواة الحديث، فكان كل جيل منهم يستمد أخباره من الجيل السابق، وكان الخبر التاريخي يستمد من السماع عن الحفاظ الموثوق بهم وهو ما يعرف بالأسانيد، وهي وسيلة للإجماع على صحة الخبر، وهي نفس الوسيلة التي اتبعها المحدثون في روايتهم للحديث، مما يدل على أن التاريخ العربي عند نشأته سلك نفس الطريقة التي سلكها الحديث.
وأقدم الكتب التاريخية التي تجمع بين الحديث والتاريخ هي كتب المغازي والسير (1)، فقد دفع اهتمام المسلمين بأقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأفعاله للاهتداء بها
__________
(1) ومنها:
1 - محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري: (ت124هـ): وكتابه المغازي النبوية، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر، دمشق، 1401هـ- 1981 م.
2 - محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي: (ت151هـ): وكتابه السير والمغازي، تحقيق سهيل زكار، دار الفكر، دمشق، ط1، 1398هـ- 1978 م.
3 - محمد بن عمر بن واقد المعروف بالواقدي: (ت207): وكتابه المغازي، تحقيق مارسدن جونس، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1384هـ- 1964م.
4 - عبد الملك بن هشام: (ت218هـ): السيرة النبوية، تحقيق همام عبد الرحيم، مكتبة المنار، ط1، 1409هـ.

الصفحة 15