كتاب أخبار المدينة

لذا بدأ اشتغال مؤرخي المسلمين بكتابة سيرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وحولها تفجرت ينابيع أفكارهم فقدمت مادة تاريخية غزيرة عن المدينة المنورة مهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه ومنطلق دعوته.
وتجلت هذه المادة التاريخية في وصف الأماكن والأحداث التي كانت لها علاقة بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكذلك الحال بالنسبة لكتب المغازي فقد وردت فيها أخبار عن بعض الأماكن التي مر عليها بجيش الإسلام في طريقه إلى غزواته (1).
وعندما ازدهرت الحركة العلمية عند المسلمين في القرن الثاني الهجري ظهر نوع جديد من الكتابة التاريخية وهو التأريخ للمدن الإسلامية، ومكة والمدينة أقدسها عندهم فكانت عنايتهم بمكة المكرمة والمدينة المنورة فائقة واهتم بها المؤرخون من حجازيين وغيرهم.
وقد كانت عناية المؤرخين بالمدينة الشريفة كبيرة بداية من القرن الثاني الهجري، وكيف لا يكون ذلك وهي طيبة المختارة معقل الإسلام والمسلمين ومنها انتشرت دعوة الله عزوجل في جميع البلاد فكان لها فخر نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ونشر دينه مما جعل تاريخها حافلاً بالمكرمات، حيث كان للنبي (أثر في كل بقعة منها.
لذا اهتم المؤرخون المسلمون بالكتابة عن تاريخ المدينة المنورة فظهرت في البداية روايات شفهية قبل ظهور المؤلفات المكتوبة، فكان من أهم وأشهر هذه الروايات الشفهية ما وصل إلينا من روايات عبد العزيز بن عمران الزهري، (ت197) الذي كانت له طائفة من الروايات حول تاريخ المدينة، نقلها عنه تلاميذه، وهم: ابنه سليمان، وعلى بن محمد المدائني (ت 225)، وأبو غسان محمد بن يحيى الكتاني، وأبو حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي (ت 259)، وإبراهيم بن المنذر الحزامي (ت 236)،
__________
(1) عمر بن شبة: تاريخ المدينة، تحقيق فهيم شلتوت، مكتبة الثقافة، المدينة المنورة، (د. ت)، ج1، ص ط.

الصفحة 17