كتاب أخبار المدينة

يريد أرضاً يقيمون بها، ففارقهم وداعة بن عامر فسكن همدان، ثم سار عمرو حتى إذا كان بين السراة (1) ومكة أقام هنالك ناس من الأزد، وأقام معهم عمران بن عمرو بن عامر، ثم سار عمرو في باقي ولده وفي ناس من بني مازن من الأزد حتى نزلوا ماء يقال له غسان، وغلب عليهم اسمه حتى قال شاعرهم:
إما سألت فإنا معشر نجب ... الأزد نسبتها والماء غسان (2)
- الأوس والخزرج ومجاورتهم لليهود بالمدينة (3):
وقال ابن زبالة عن مشايخه من أهل المدينة قالوا: أقامت الأوس والخزرج بالمدينة، ووجدوا الأموال والآطام والنخيل في أيدى اليهود، ووجدوا العدد والقوة معهم، فمكثت الأوس والخزرج ما شاء الله، ثم إنهم سألوهم أن يعقدو بينهم جواراً وحلفاً يأمن به بعضهم من بعض، ويتمنعون به ممن سواهم، فتعاقدوا وتحالفوا واشتركوا وتعاملوا، فلم يزالوا على ذلك زماناً طويلاً، وأمرت (4) الأوس والخزرج وصار لهم مال وعدد، فلما رأت قريظة والنضير حالهم خافوهم أن يغلبوهم على دورهم وأموالهم، فتنمروا لهم حتى قطعوا الحلف الذي كان بينهم، وكانت قريظة والنضير أعد (5) وأكثر، وكان يقال لهما الكاهنات، وبنو الصريح، وفي ذلك يقول قيس بن الخطيم مثنياً عليهم:
كنا إذا رمانا قوم بمظلمة شدت لنا ... الكاهنات الخيلَ واعتزموا
نسوا الرهون وانسونا بأنفسهم ... بنو الصريح فقد غَفُّوا وقد كَرُمُوا
__________
(1) ويقال (الشراة) تطبيع. وأنه ليقال (أزد السراة) (السمهودي: 1/ 171).
(2) ويقال (الأزد نسبتنا والماء غسان) (ابن النجار: ص 17 - 18؛ والسمهودي: 1/ 171).
(3) انظر قصة خروج عرب اليمن من مأرب إلى المدينة وهم الأوس والخزرج في (السمهودي: 1/ 172).
(4) أمرت - بكسر الميم - زادت وكثرت (السمهودي: 1/ 178).
(5) أعد: أكثر عدداً (السمهودي: 1/ 178).

الصفحة 171