كتاب أخبار المدينة

بني بياضة، ولهم الأطم الذي في شامي أرض فراس بن ميسرة في أدنى بيوت بني بياضة مما يلي السبخة، فلبثوا هناك حتى انتقل رافع بن مالك هو وولده قبيل الإسلام فسكنوا طرف السبخة ما بين الأساس إلى طرف السبخة إلى الدار التي فيها يسكن إسحاق بن عبيد بن رفاعة، وكان يقال لرافع بن مالك (الكامل) لأن أهل الجاهلية كانوا يقولون لمن كان كاتباً وشاعراً (الكامل).
وانتقل سائر بني عمرو بن عامر بعد ذلك، فاشتروا من بني عوف بن زريق بعض دورهم وحقوقهم، وخرجت بنو عوف بن زريق قبيل الإسلام إلى الشام، فيزعمون أن هنالك ناساً منهم، ولبث بنو بياضة وبنو حبيب زماناً لا يقاتلون بني زريق، والرسل تجري بينهم، وبنو زريق يدعونهم إلى الصلح والدية، وعرضوا على بني حبيب أن يقطعوا لهم طائفة من ديارهم، فقبلوا ذلك، ووضعوا الحرب، وسمي الزقاق الذي دفعوه لهم (زقاق الدية)، وانتقل بنو مالك بن زيد بن حبيب بن عبد حارثة من بني بياضة، ونزلوا الناحية التي ودت بنو زريق، وابتنوا أطماً كان لبني المعلى ابن لوذان، وتخلف بنو الصمة بن حارثة بن الحارث بن زيد بن حبيب في بني بياضة، فلبثت بنو المعلى بن لوذان في بني زريق ما شاء الله.
ثم إن عبيد بن المعلى قتل حصن بن خالد الزرقي، فأراد بنو زريق أن يقتلوه، ثم بدا لهم أن يدوا حصن بن خالد من أموالهم عن عبيد على أن يحالفهم بنو المعلى، ويقطعون حلفهم مع بني بياضة، ففعلوا، وكان عامر بن زريق بن عبد حارثة والد زريق وبياضة لما حضرته الوفاة أوصى ابنه بياضة بالصبر في الحروب وشدة البأس، وأوصاه بأخيه زريق وكان أصغرهما، فقال بعض شعرائهم في ذلك: (بالصبر أوصى عامر بياضة).
ويقال للأوس والخزرج: أبطأهم فرة وأسرعهم كرة بنو بياضة وبنو زريق وبنو ظفر، وإن الأوس والخزرج لم يلتقوا في موطن قط إلا كان لهذه القبائل فضل بيّن على غيرهم من بطون الأوس والخزرج.

الصفحة 179