كتاب أخبار المدينة

الأول في بحثنا، كما أن الناقل المتأخر قد لا يكون نقل كل ما جاء في المُؤَلَفَ القديم بل اختار منه ما رآه ملائماً وحذف نصوصاً أخرى قد تكون مهمة جداً في رأينا (1)، ومع أنه يمكن علاج هذا بجمع كل ما نقلته كافة المصادر، إلا أن هذا قد لايغنى في تكوين صورة كاملة للمؤلف القديم، إذ قد تتفق كافة المصادر على حذف نصوص معينة، كما أن النصوص مقتطفات جزئية لا تكفى وحدها لتوضيح تنظيم الكتاب وتسلسل أبحاثه، مما له أهمية كبرى في تقرير قيمة الكتاب.
- أسلوبه:
من خلال استقرائنا لنصوص ابن زبالة لا حظنا أن هناك بعض السمات الأساسية التي تميز منهجه وأسلوبه في الكتابة، وأهم تلك السمات هي الوضوح والإيجاز مع البساطة وحسن العرض وعدم التكلف، فالبلاغة عنده إيضاح بإيجاز.
ومن واقع حرص ابن زبالة على أن يبقى أسلوبه سهلاً واضحاً نلاحظه يلجأ أحياناً إلى تفسير المصطلحات الغريبة أو الألفاظ الصعبة أو المصطلحات الفنية التي لا يدركها عامة القراء (2).
ومن هنا نرى ابن زبالة مع غزارة علمه وكثرة مشاهداته خفيف الظل ذا أسلوب دقيق مركز وخال من اللغو أو الزخارف اللفظية، وكتابته بسيطة واضحة مفهومة (3).
__________
(1) ومن أمثلة ذلك أن السمهودي لم يعتمد على ابن زبالة في سكنى المهاجرين بالمدينة كثيراً، بينما يقضى بصراحة على أنه لا يعتمد عليه في أخبار اليهود بالمدينة. (وفاء الوفا، 1/ 165). كما يذكر السمهودي أنه يلخص أحياناً أقوال ابن زبالة (ص190 - 194) أو يخلطها مع روايات آخرين (ص191) أو يحذفها عمداً (ص 165).
(2) المراغي: ص44، والسمهودي: 1/ 98، 100، 161.
(3) صالح العلى: مجلة المجمع العلمي، 11/ 129.

الصفحة 246