كتاب أخبار المدينة

وقلما يروى عن أي منهم أكثر من رواية واحدة، وأغلبهم من أهل المدينة، وكثير منهم ممن اعتمد عليهم ابن إسحاق والواقدي وروى عنهم المحدثون (1).
وتعدد المشايخ والعلماء الذين أخذ عنهم ابن زبالة وروى عنهم يدل على سعة علمه واطلاعه ورغبته في الحصول على أكبر قدر من المعرفة، ولا شك أن دراسة ابن زبالة الأولى التي تلقاها على أيدي شيوخه في مطلع حياته العلمية تمثل رافداً من جملة الروافد التي استقى منها مادته ومعارفه، كما أن المدينة كانت وما زالت محط أنظار كثير من العلماء المسلمين الذين قدموا إليها بغرض العبادة وطلب العلم مما أتاح لابن زبالة اللقاء بعدد كبير منهم، وكان أكثر مشايخه ممن اشتهروا بالعلم في عصرهم وانتهت إليهم علوم الأخبار والأنساب والأدب والعلوم الإسلامية بوجه عام.
وكان ابن زبالة ينقل عن بعض مشايخه أحداثاً شاهدوها بأنفسهم أو كانوا أحد الأطراف فيها أو رووها بالسند المتصل حتى وصلت إليهم (2)، إلا أنه كان في بعض الأحيان يروى عن الثقات ما لم يحدثوا به، وهذا من أسباب إجماع أهل الحديث على ضعفه وترك حديثه (3).
2 - المعاينة والمشاهدة: وهي ما سجله ابن زبالة من ملاحظات شاهدها بنفسه وعاينها، وقد اتصف هذا المصدر بالدقة والأهمية وبموافقة يحيي العلوي (ت 277هـ) له وروايته لكلامه من غير تعقيب (4)، كما أن السمهودي كان يرجح في كثير من الأحيان ملاحظات ابن زبالة التي شاهدها وعاينها على روايات غيره
__________
(1) صالح العلي: مجلة المجمع العلمي العراقي، مرجع سابق، ص 128.
(2) السمهودي: 1/ 159، 3/ 795، 3/ 809.
(3) الذهبي: ميزان الإعتدال، 2/ 514. وابن حجر: تهذيب التهذيب، 9/ 115.
(4) السمهودي: 1/ 323، 352. وحمد الجاسر: مجلة العرب، مرجع سابق، ص 1059.

الصفحة 253