كتاب أخبار المدينة

4 - تساهل ابن زبالة في الرواية وسع آفاق المعرفة عنده:
من المعلوم أن علماء الحديث يشددون في الرواية فيما يتعلق بالحلال والحرام، بل في كل أحكام الإسلام، وقد يتساهلون فيما عدا ذلك فيروون عن أناس لا تنطبق عليهم الشروط التي يشترطونها في المحدث الثقة، وابن زبالة وبما أنه اخباري سار على هذه الطريقة، فقد روى عن عدد من الأخباريين والرواة ممن يرى المحدثون في الرواية عنهم حرجاً فيما له صلة بقواعد الدين أو من الرواة المجهولين أو من الرواة المطعون في عدالتهم.
وكثيراً ما نجد في النصوص المنقولة عن ابن زبالة ما يتطابق مع بعض الأحاديث الواردة في كتب الصحاح (1)، أو ما يعتضد به الثقة أمثال يحيى العلوي الذي يروى لكلام ابن زبالة من غير تعقيب (2)، كما نلاحظ أن السمهودي ينقل عن ابن شبة وهو ثقة وابن زبالة نفس النص فيقول: (وروى ابن زبالة وابن شبة) (3) وقس على ذلك الكثير من الروايات التي لم ينفرد ابن زبالة في روايتها ولكنه رواها عن طريق رواة اعتمد عليهم ابن إسحاق والواقدي وروى عنهم المحدثون (4).
كما وأظهر ابن زبالة تساهلاً كبيراً فيما يتعلق بالأخبار التاريخية التي لا تتعلق بشيء من أحكام الإسلام وقواعده وأصوله، وهذه قاعدة معروفة عند المحدثين (5)، فنجد في روايته معلومات جمة تلقاها عن علماء من الأخباريين وغيرهم ممن لا يروى عنهم المحدثون، غير أن تساهل ابن زبالة في ذلك وإدراكه أن العلم لا ينحصر في طبقة
__________
(1) السمهودي: ص 41.
(2) الجاسر: مجلة العرب، مرجع سابق، ص 1059.
(3) السمهودي: 1/ 10، 2/ 510، 2/ 720.
(4) صالح العلي: مجلة المجمع العراقي، مرجع سابق، ص 128.
(5) الحربي: المناسك، ص 164.

الصفحة 256