كتاب أخبار المدينة

الخاتمة
إلى هنا ونأتي بحمد الله وتوفيقه إلى نهاية هذا البحث الذي حاولت فيه أن ألقي الضوء على بعض الجوانب الهامة في حياة هذا العالم المؤرخ وجهوده في مجال البحث التاريخي وأثره فيمن جاء بعده من المؤرخين. وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى بعض النتائج التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
أولاً: إن العصر الذي عاش فيه ابن زبالة وهو القرن الثاني الهجري، كان حافلاً بالأحداث السياسية وشهد اهتماماً بالجوانب الاقتصادية والعمرانية، وكانت بيئته المدينة المنورة في تلك الفترة تمر باضطرابات وفتن وثورات، إلا أن أكثر ما يميز هذه الفترة وهذه البيئة هو الاهتمام الكبير بالعلم والعلماء وظهور علوم كثيرة مثل: علم الرجال وتدوين سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتدوين حديثه، وكتابة التاريخ الإسلامي فكان من نتيجة هذا الازدهار العلمي والثقافي أن لمع في هذه الفترة الكثير من العلماء الأفذاذ في مختلف المجالات العلمية، لذا ساعد ذلك ابن زبالة بأن يلتقي بعلماء هذا القرن من أهل المدينة والعلماء الوافدين إليها طلباً للعلم والثواب، مما هيأ له أن يغرف من مناهل علمهم الذي جعل منه عالماً ومؤرخاً ونسابةً كان عمدة لمن جاء بعده.
ثانياً: من واقع العرض لموضوع التأريخ للمدينة يتضح لنا أن ابن زبالة هو أول من صنف كتاباً شاملاً في تاريخ المدينة المنورة والمسجد النبوي الشريف ويعد رائداً وعمدةً في ذلك، وأن كل من سبق ابن زبالة في التأريخ للمدينة إنما كانت رواياته شفهية ولم تجمع في مصنف واحد.

الصفحة 271