كتاب أخبار المدينة

ثالثاً: إن كثرة عدد المشايخ والعلماء الذين أخذ عنهم ابن زبالة وروى لهم يدل على سعة علمه واطلاعه ورغبته في الحصول على أكبر قدر من المعرفة، ولاشك أن دراسة ابن زبالة الأولى التي تلقاها على أيدي شيوخه في مطلع حياته العلمية تمثل رافداً من جملة الروافد التي استقى منها مادته العلمية.
رابعاً: بالرغم من شهرة كتاب ابن زبالة في تاريخ المدينة، والذي كان يعتبر المعول الذي اعتمد عليه كثير من مؤرخي المدينة المتأخرين والذين حفظوا لنا نصوصاً كثيرة منه، إلا أنه لم يحظ باهتمام علماء عصره ممن تصدوا لترجمة علماء ذلك العصر، ولعل ذلك يعود إلى ضعفه في الحديث. وإن كان ابن زبالة ممن لم يجد من يُعنى بجوانب حياته وحفظ آثاره كما عني بغيره إلا أنه كان ذا باع طويل في حفظ الأخبار ووصف الأماكن والديار، مما جعل كثيراً من العلماء يعتمدون عليه في مؤلفاتهم وينقلون عنه كثيراً من المعلومات عن أخبار المدينة وخططها، مما يدل على أهميتها ونفاستها.
خامساً: اتضح لنا في هذه الدراسة ومن خلال أقوال أهل الجرح والتعديل في ابن زبالة أنه ضعيف ضعفاً شديداً في الحديث، ولكن رغم تشدد المحدثين والنقاد في قبول الأحاديث واشتراطهم العدالة في سائر رجال الإسناد، لكنهم في الأخبار التاريخية المتعلقة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين أظهروا تساهلاً ومرونة في الاطلاع على هذه الأخبار والاهتمام بها ونقلها في مصنفاتهم رغم حكمهم على مصنفيها بالضعف الشديد، إذ لا شك أن إهمال كل المعلومات التي ذكرها ابن زبالة تعد خسارة كبيرة وذلك لغزارتها وقيمتها التاريخية الكبيرة.
سادساً: ظهر لنا من خلال موضوع أول من سكن المدينة أن العمالقة العرب هم أول من سكن المدينة وأنهم نزلوا المدينة قبل اليهود.

الصفحة 272