كتاب أخبار المدينة

تقديم:
هذا الكتاب عمل جاد، يسعى لإحياء قطعة ثمينة من تراثنا الثقافي، غيبها الزمن، وضاعت أصولها فيما ضاع من كنوزنا التراثية الغالية، هي كتاب أخبار المدينة، لمحمد بن الحسن بن زبالة، المتوفى سنة 199هـ.
ذلك أنك ما تقرأ كتابًا من الكتب المؤلفة عن المدينة المنورة عبر العصور الماضية إلا وتجده ينقل عن ابن زبالة، بل وتجد رواياته موزعة في معظم الموضوعات التي كتبوها عن المدينة؛ تاريخها في الجاهلية والإسلام، أسماؤها وفضائلها، وحدود حرمها، وأهم معالمها، والمسجد النبوي، وتاريخ بنائه، وتفصيلات محتوياته، حتى لتظن أن من ينقل عنه إنما ينهج نهجه في كتابه الغائب.
وقد بذل المؤلف جهودًا كبيرة في جمع مادة الكتاب من المصادر الكثيرة التي أوردها في حواشيه ومراجعه، ونسقها وفق موضوعاتها، واجتهد في أن يقدم لنا صورة حية للكتاب بالنصوص التي أوردها النقلة عنه.
ومهما يكن القول في عدالة ابن زبالة في رواياته في الحديث الشريف، فإن المؤرخين الذين أخذوا من كتابه قبلوا رواياته التاريخية، واعتمدوا عليها في تاريخ المدينة ووصف معالمها القديمة.
ولا شك أن كتاب ابن زبالة رائد في ميدانه، فهو أسبق الكتب عن المدينة المنورة زماناً، وأكثرها تأثيرًا في مناهج الكتب المشابهة في تراثنا، بدءًا من ابن شبة، ووصولاً إلى السمهودي، فهؤلاء جميعاً على ما يبدو من الروايات التي نقلوها عنه في أبواب كتبهم وفصولها حذو حذوه في الجمع بين الحديث عن تاريخ المدينة المنورة ومعالمها وفضائلها وأسمائها، حتى ليصح أن

الصفحة 3