كتاب أخبار المدينة

فقالوا: أنت رسول الله، قد عرفناك وآمنا بك وصدقناك، فمرنا بأمرك فإنا لن نعصيك، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل يختلف إليهم، ويزدادون فيه بصيرة، ثم أمرهم (أن يدعوا قومهم إلى دينهم، فسألوه أن يرتحل معهم، فقال: حتى يأذن لي ربي، فلحقوا بأهلهم بالمدينة، ثم شخصوا إليه في الموسم فكان من أمر العقبة ما كان (1).
هجرته صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة:
قال ابن زبالة: لم يعلم بخروجه (إلى المدينة إلا علي وآل أبي بكر، وكان من قصة نسج العنكبوت وغيره من أمر الغار ما كان، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، ومعهما عامر بن فهيرة يخدمهما يردفه أبو بكر ويعقبه، والدليل، فأخذ بهم في أسفل مكة حتى أتى بهما طريق السواحل أسفل من عسفان، ثم عارض الطريق على أمج (2) ثم نزل من قديد خيام أم معبد الخزاعية من بني كعب، وبقية المنازل إلى قباء (3).
وقال ابن زبالة: كان المسلمون بالمدينة قد سمعوا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة أول النهار فينتظرونه، فما يردهم إلا حر الشمس، وبعد أن رجعوا يوماً أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا بني قيلة - يعني الأنصار - وفي رواية: يا معشر العرب: هذا جدكم، يعنى حظكم - وفي رواية: صاحبكم الذي تنتظرون - فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة،
__________
(1) السمهودي: مصدر سابق، 1/ 221، 222، نقلاً عن ابن زبالة. وانظر خبر هذه البيعة في ابن هشام: السيرة النبوية، 2/ 85؛ ومهدي رزق الله أحمد: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، دراسة تحليلية، مركز الملك فيصل للبحوث، الرياض، ط1، 1412هـ/1992م، ص 246.
(2) أمج: بفتح الهمزة والميم، مكان بعينه بين مكة والمدينة. (السمهودي: المصدر السابق، 1/ 240).
(3) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 240 وانظر طريقه (في هجرته في كتاب السيرة النبوية لابن هشام، 1/ 443.

الصفحة 70