كتاب أخبار المدينة

عن أنس قال: بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني المسجد - أول ما بناه بالجريد، قال: وإنما بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين (1).
وأسند أيضاً عن شهر بن حوشب قال: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحجر بناء المسجد قيل له: عريش كعريش أخيك موسى سبع أذرع (2).
وكان الصحابة يعملون في بناء المسجد وهم يرتجزون ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم ويقول:
اللهم لا خير إلا خير الآخرة ... ... فارحم المهاجرين والأنصار
وكان لا يقيم الشعر، قال الله تعالى: {وما علمناه الشعر وما ينبغى له} (3) وفعل ذلك احتساباً وترغيباً في الخير، ليعمل الناس كلهم، ولا يرغب أحد بنفسه عن نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا أسند ابن زبالة عن مجمع بن يزيد أنه قال عقب ذلك: وعملوا فيه ودأبوا، فقال قائل من المسلمين:
لئن قعدنا والنبي يعمل ... ذاك إذاً للعمل المضلل (4)
وأسند أيضاً أن علي بن أبي طالب كان يرتجز وهو يعمل فيه يقول:
لا يستوى من يعمر المساجدا ... يدأب فيها قائماً وقاعداً
ومن يرى عن الغبار حائداً (5)
__________
(1) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 327. وقال: وهو واه أو مؤول والمعروف خلافه، انظر (مهدي رزق الله: مرجع سابق، ص 293).
(2) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 327.
(3) سورة يس من الآية 69.
(4) السمهودي: مصدر السابق، 1/ 329، نقلاً عن ابن زبالة؛ ومهدي رزق الله: السيرة النبوية، ص 294.
(5) ابن هشام: السيرة النبوية، 1/ 448، والسمهودي: وفاء الوفا، 1/ 329.

الصفحة 74