كتاب أخبار المدينة

وقد روى ابن زبالة ويحيى من طريقه أشياء في تحديد المسجد وذرعه يقتضى أن جدار المسجد في زمنه (من جهة المشرق لم ينته إلى حائز عمر بن عبد العزيز، بل الحائز وبعض ما يليه من المغرب في موضع حجرة عائشة رضي الله عنها، وأن جدار حجرة عائشة كان فيما بين الأساطين اللاصقة بجدار القبر وبين الأساطين التي بينها المقصورة الدائرة على الحجرة الشريفة، وأنه (كان قد بنى المسجد أولاً وجعله ثلاث أساطين عن يمين المنبر في المغرب وثلاث أساطين عن يساره في المشرق، وأن نهايته من جهة المشرق كانت أولاً أسطوان التوبة، لأنها تكون في موضع الجدار بعد الأساطين الثلاث، وأن مساحة ذلك من المشرق إلى المغرب ثلاث وستون ذراعاً، وقيل خمس وخمسون، وأنه زاد فيه بعد ذلك من المشرق والمغرب، ومع ذلك لم ينته زيادته في المشرق إلى موضع حائز عمر بن عبد العزيز، وأنه لم يزد فيه من جهة القبلة ولا من جهة الشام (1).
وأسند ابن زبالة عن عبيد بن عمر بن حفص بن عاصم (2) أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ثلاث أساطين مما يلي المشرق، وثلاث أساطين مما يلي المغرب، سوى ما خرج في الرحبة أي الأساطين المصفوفة من الرحبة إلى القبلة.
__________
= تدور حول مرحلة واحدة من مراحل بناء المسجد، فقد روى ابن إسحاق الحربي عن يحيى بن حسين أنه قال: ((حدثني هارون بن موسى عن محمد بن يحيى، قال: كان فيما انتهى إلينا من ذرع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ذلك من القبلة إلى حده الشمالي أربعاً وخمسين ذراعاً وثلثي ذراع، وحده من المشرق ثلاثة وستون، يكون ذلك مكسراً ثلاثة آلاف وأربع مائة ذراع، وأربع وستون ذراعاً)). وأجمل السمهودي (ج1، ص 335)، ماتحصل له من روايات في ذرع المسجد النبوي فقال: ((وقد تحصلنا فيما تقدم في ذرع المسجد على أربع روايات: ... النص)) ومن خلال ذلك يتبن أن عمارة المسجد النبوي الشريف مرت بثلاث مراحل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما سبق وأشرنا، وأنه استخدم في كل مرحلة منها نوع خاص من البناء. (انظر حول ذلك: محمد الشهري: مرجع سابق، ص30 - 32).
(1) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 348، والأساطين: جمع أسطوانة، وهي أعمد المسجد أو سواريه. (محمد الشهري: مرجع سابق، ص13).
(2) هو عبيد بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو عثمان، أحد الفقهاء السبعة. قال أبو زرعة وأبو حاتم: ثقة. مات سنة 147هـ (الخطابي: أعلام الحديث، 1/ 241).

الصفحة 80