كتاب أخبار المدينة

فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار إليه أن صل إلى البيت، قال: فأنزل الله تعالى {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} إلى {وما الله بغافل عما تعملون} (1) قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة، وأن يجعلنا له وسيلة، وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقالت اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وتركتم قبلة موسى ويعقوب والأنبياء؟ والله ما أنتم إلا تعبثون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندرى أكنا نحن وهم على قبلة أم لا؟ فأنزل الله تعالى في ذلك {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إن الله بالناس لرؤوف رحيم} (2). انتهى كلام ابن زبالة (3).
وورد عنه أن القبلة صرفت ونفر من بني سلمة يصلون الظهر في مسجد القبلتين، فأتاهم آت فأخبرهم وقد صلوا ركعتين فاستداروا حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة، فبذلك سمي مسجد القبلتين (4).
وأسند يحيى من طريق ابن زبالة وغيره عن الخليل بن عبد الله الأزدي عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام رهطاً على زوايا المسجد ليعدل القبلة، فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال: يا رسول الله ضع القبلة وأنت تنظر إلى الكعبة، ثم قال بيده هكذا، فأماط كل جبل بينه وبين القبلة فوضع تربيع المسجد وهو ينظر إلى الكعبة لا يحول نظره شيء فلما فرغ قال جبريل - عليه السلام - بيده هكذا، فأعاد الجبال والشجر والأشياء على حالها، وصارت قبلته إلى الميزاب (5).
__________
(1) سورة البقرة، الآية 144.
(2) سورة البقرة، الآيتين 142، 143.
(3) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 360.
(4) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 362.
(5) المطري: التعريف بمعالم دار الهجرة، ص 33؛ والسمهودي: المصدر السابق، 1/ 366، يتعين مع تغير القبلة إعادة بناء جدار المسجد لأن المدينة ومكة وبيت المقدس ليست على خط طول واحد،=

الصفحة 85