كتاب أخبار المدينة

وأسند ابن زبالة عن أبي هريرة قال: كانت قبلة النبي صلى الله عليه وسلم الشام، وكان مصلاه الذي يصلى فيه بالناس إلى الشام في مسجده أن تضع موضع الأسطوان المخلق اليوم خلف ظهرك ثم تمشى إلى الشام، حتى إذا كنت بيمنى باب آل عثمان كانت قبلته ذلك الموضع (1). والأسطوان المخلق هي التي تدعى أسطوان عائشة رضي الله عنها. ونقل ابن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إليها المكتوبة بضعة عشر يوماً بعد أن حولت القبلة، ثم تقدم إلى مصلاه الذي وجاه المحراب (2) في الصف الأوسط (3).
4 - النصوص المتعلقة بالجذع والمنبر والحجرة الشريفة:
- في خبر الجذع الذي كان يخطب إليه صلى الله عليه وسلم واتخاذه المنبر:
جاء في كتاب ابن زبالة عن خالد بن سعيد (4) مرسلاً أن تميماً الداري (5) كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه وجع كان يجده في فخذيه يقال له الزجر (6)، فقال له تميم:
__________
= كما أن الروايات تؤكد ذلك فقد روى ابن زبالة ويحيى وابن النجار والسمهودي عن الخليل بن عبد الله الأزدي والمرجاني عن القرطبي ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام رهطاً على زوايا المسجد ليعدلوا القبلة فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال يارسول الله ضع القبلة وأنت تنظر على الكعبة)) ما يدل على أن المسجد شهد تعديلاً في وضع جدرانه وإلا فما الداعي إلى الاستعانة بمن يقوم على أركان المسجد ليضع الاتجاه الصحيح، كما يؤيد ذلك بقاء الصفوف في المسجد موازية حتى الآن بجدار القبلة، وهذا التعيين قطعي لا مجال للاجتهاد فيه. (انظر محمد الشهري: مرجع سابق، ص39 - 40).
(1) المطري: مصدر سابق، ص 33؛ والسمهودي: المصدر السابق، 1/ 367.
(2) وجاه المحراب: يريد المحراب العثماني الكائن في جدار القبلة (السمهودي: المصدر السابق، 1/ 367).
(3) السمهودي: المصدر السابق، 1/ 367.
(4) هو خالد بن سعيد بن أبي مريم القرشي التيمي المدني، مولى ابن جدعان، ووالد عبد الله، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى له أبو داود حديثاً وابن ماجه آخر. (المزي: تهذيب الكمال، 8/ 83).
(5) هو تميم بن أوس بن خارجة بن سودان بن خديجة، أبو رقية اللخمي الداري الصحابي الشهير، له مناقب جمة، وأحاديث جملة، روى عنه أنس، وابن عباس وغيرهما من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -، قال ابن سعد ولم يزل بالمدينة حتى تحول بعد قتل عثمان إلى الشام، وبها مات سنة أربعين (السخاوي: التحفة اللطيفة، 1/ 389).
(6) الزجر: عرَّفه ابن منظور بتعاريف كثيرة أقربها أنه إلقاء ما في البطن، وهو لا يتفق مع النص - (ابن منظور: لسان العرب، 6/ 22)، كما أن السمهودي يصرح بأنه لم يحقق معناه على ما يجب. (السمهودي: 2/ 391).

الصفحة 86