كتاب أخبار المدينة

يا رسول الله ألا أصنع لك منبراً تقوم عليه، فإنه أهون عليك إذا قمت وإذا قعدت؟ قال: وكيف المنبر؟ قال: أنا يا رسول الله أصنعه لك، قال: فخرج إلى الغابة فقطع منها خشبات من أثل، فعمل له درجتين: أي غير المقعد، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخشبة التى كان يستند إليها إذا خطب ثم ذكر حنينها، وقال: بلغنا أنها دفنت تحت المنبر (1).
وعن سهل بن سعد الساعدي (2) نحو ما في الصحيح أن رجالاً أتوا سهلاً وقد امتروا (3) في المنبر مم عوده، فسألوه عن ذلك، فقال: والله إني لأعرف مم هو، ولقد رأيته أول يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (4)، أرسل إلى فلانة إمرأة من الأنصار (5) قد سماها سهل: مرى غلامك النجار، أن يعمل لي أعواداً أجلس عليها إذا كلمت الناس، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت ههنا، ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر، هذا لفظ الصحيح، وزاد فيه ابن زبالة: وقطعت خشب المنبر بيدي مع الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحملت إحدى الدرجات (6).
__________
(1) السمهودي: 2/ 391؛ وقد وردت روايات مختلفة حول منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد استغل بعض المستشرقين ذلك للرجوع بأصله إلى غير العرب والنيل من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (حول هذا الموضوع انظر: (محمد الشهري: عمارة المسجد النبوي، ص75 - 81).
(2) هو سهل بن سعد بن مالك الساعدي أبو العباس، له ولابنه صحبة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مات سنة 91هـ. (الخطابي / أعلام الحديث، 1/ 359).
(3) امتروا: شكوا. (السمهودي: 2/ 391).
(4) انظر حول نوع خشب المنبر ومساحته في عمارة المسجد النبوي للشهري ص80.
(5) يقول السمهودي: نقل ابن حجر أن المرأة لايعرف اسمها، ونقل ابن التين عن مالك أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة، فيحتمل أنه كان في الأصل مولى امرأته، ونسب إليها مجازاً، واسم امرأته فكيهة بنت عبيد بن دليم. (السمهودي: 2/ 392).
(6) السمهودي: 2/ 392؛ وانظر حول اختلاف الروايات في صناعة المنبر ومما هو ومساحته في ابن سعد: الطبقات الكبرى: 1/ 350، وابن النجار: الدرة الثمينة ص79، ومحمد الشهري: عمارة المسجد النبوي ص78 - 81.

الصفحة 87