محمد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه قال: جاف (1) بيت النبي صلى الله عليه وسلم من شرقيه، فجاء عمر بن عبد العزيز ومعه عبيد الله بن عبد الله بن عمر، فأمر ابن وردان أن يكشف عن الأساس، فبينا هو يكشفه إلى أن رفع يده وتنحى واجماً، فقام عمر بن عبد العزيز فزعاً فقال عبيد الله بن عبد الله بن عمر: أيها الأمير لا يرد عنك، فتانك قدما جدك عمر بن الخطاب ضاق البيت عنه فحفر له في الأساس فقال: يا ابن وردان (2) غط ما رأيت، ففعل (3) وروى أيضاً عن المطلب أنه لما سقط الجدار من شق موضع الجنائز، أمر عمر بقباطي فخيطت (4)، ثم ستر بها، وأمر أبا حفصة مولى عائشة وناساً معه فبنوا الجدار، فجعلوا فيه كوة، فلما فرغوا منه ورفعوه دخل مزاحم مولى عمر فأقام ما سقط على القبر من التراب والطين، ونزع القباطي، وكان عمر يقول: لأن أكون وليِّت ما وليَ مزاحم من قَمِّ القبور أحب إلي من أن يكون لي الدنيا كذا كذا، وذكر مرغوباً من الدنيا (5).
وروى ابن زبالة عن محمد بن هلال وعن غير واحد من أهل العلم أن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه قبره - صلى الله عليه وسلم -، وهو بيت عائشة الذي كانت تسكن، وأنه مربع مبني بحجارة سود وقصة الذي يلي القبلة منه أطوله، والشرقي والغربي سواء، والشامي أنقصها، وباب البيت مما يلي الشام، وهو مسدود بحجارة سود وقصة، ثم بنى عمر بن عبد العزيز على ذلك البيت هذا البناء الظاهر، وعمر بن عبد العزيز زوّاه لأن يتخذه الناس قبلة تخص فيه الصلاة من بين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قاتل الله اليهود
__________
(1) جاف: أي ظهرت له رائحة، وقد جاء في بعض الروايات أن هرة ماتت داخله. (السمهودي: 2/ 545).
(2) لعل ابن وردان كان يعمل مع ابيه فتارة يسند العمل إليه وتارة يسنده إلي أبيه. (السمهودي: 2/ 545).
(3) السمهودي: 2/ 545.
(4) القباطي: ثياب من كتان أبيض تنسب إلى مصر. (الشهري: ص 108).
(5) السمهودي: 2/ 546؛ وحمد الجاسر: رسائل في تاريخ المدينة، دار اليمامة، الرياض، (د. ت)، ص 111.