كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

معينًا بعضه لبعض.
ثم قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
والإثم والعدوان في جانب النهي نظيرُ البرِّ (¬1) والتّقوى في جانب الأمر.
والفرق ما بين الإثم والعدوان فوق ما بين محَرَّمِ الجِنْس ومُحَرَّم القَدْر (¬2).
فالإثم: ما كان حراما لجنسه.
والعدوان: ما حُرِّمَ الزيادة (¬3) في قَدْره، وتعدي ما أباحَ الله منه.
فالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، ونحوها إثم. ونكاح الخامسة، واستيفاءُ المجْنيِّ عليه أكثرَ من حقه، ونحوه عُدْوان.
فالعدوان هو تَعَدِّي حدود الله (¬4) التي قال فيها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}. (¬5) وقال في موضع آخر: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} (¬6). فنهى عن تعدّيها في آية، وعن قُرْبانها في آية. وهذا لأن حدوده سبحانه هي النهايات الفاصلةُ
¬__________
(¬1) في الأصل: "كالبر". والمثبت من ط وسائر النسخ.
(¬2) انظر كلام المؤلف في الفرق بينهما في "مدارج السالكين" (1/ 368 - 371).
(¬3) ط: "لزيادة".
(¬4) في سائر النسخ: "حدود ما أنزل الله".
(¬5) سورة البقرة: 229.
(¬6) سوره البقرة: 187.

الصفحة 13