كتاب الرسالة التبوكية = زاد المهاجر إلى ربه ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
ويُطالَب بهما في الدنيا، فهو مطالَب بهما في الدُّور الثلاثة: دار الدنيا (¬1)، ودار البرزخ، ودار القرار. قال قتادة (¬2): "كلمتان يُسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ ".
وهاتان الكلمتان هُما مضمون الشهادتين. وقد قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} (¬3)؛ فأقسمَ سبحانَه بأجل مُقسَم به -وهو نفسه -عز وجل-- على أنهم لا يَثبت لهم الإيمان، ولا يكونون من أهله، حتى يُحكِّموا رسوله في جميع موارد النزاع، وهو كل ما شَجَرَ بينهم من مسائل النزاع (¬4) في جميع أبواب الدين. فإن لفظة "ما" من صيغ العموم؛ فإنها موصولة تقتضي نَفْيَ الإيمان إذا لم يُوجَد (¬5) تحكيمُه في جميع ما شجر بينهم.
ولم يقتصر على هذا حتى ضمَّ إليه انشراح صدورهم بحكمه، حيث لا يجدوا (¬6) في أنفسهم حرجا -وهو الضِّيقُ والحَصَرُ- من حُكمِه، بل يَتَلقَّوا حُكمه (¬7) بالانشراح، ويقابلوه بالقبول (¬8)، لا أنهم
¬__________
(¬1) "فهو. . . الدنيا" ساقطة من ط.
(¬2) روي نحوه عن أبي العالية، انظر تفسير الطبري (14/ 46) وابن كثير (2/ 579).
(¬3) سورة النساء: 65.
(¬4) "وهو. . . النزاع" ساقطة من ط، ق.
(¬5) ط: "أو يوجد".
(¬6) ط: "لا يجدون".
(¬7) ط: "يقبلوا حكمه".
(¬8) ط: "بالتسليم".